دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..مجازر دموية بغزة بشعة تمثل عارا على الإنسانية كلها
في وجه المؤامرة الشيطانية التي تتشارك فيها أمريكا وإسرائيل معا ، توطؤا وتخطيطا وتسليحا وتمويلا وتنفيذا ، حيث تجري في غزة المدينة الفلسطينية الصغيرة المسالمة مجازر دموية بشعة تمثل عارا على الإنسانية كلها ، والتي تتضاءل إلى جانبها مذابح الصرب في البوسنة والهرسك ، يجئ الرد العربي عليها وموقفه منها مزريا ومشينا إلى أبعد الحدود فلأكثر من شهرين كاملين تجري أبادة شعب عربي مناضل يرزح تحت نير الاحتلال الاسرائيلي لأكثر من سبعة عقود يبحث عن حقه في الحرية والحياة..لكنه انتهى على أيدي الإسرائيليين وحلفائهم الأمريكيين إلى المقابر الجماعية ولينتهي الحلم الفلسطيني ويضيع الأمل بعد عقود طويلة من القمع والقهر والإرهاب ، ومن الحصار والتضييق والترويع والتجويع ، ومن سد لكل منافذ الأمل في وجهه وحده دون سائر شعوب العالم ولنتذكر وألة الحرب الاسرائيلية المدعومة امريكيا وهي تفترس غزة. أن حرب يونيو ١٩٦٧ التي حاربت فيها اسرائيل ثلاثة جيوش عربية لم تكمل اسبوعا واحدا وانتهت سريعا بوقف اطلاق النار على كل جبهات القنال ، وهكذا كان الحال في حرب أكتوبر ١٩٧٣ التي انتهت بعد أقل من ثلاثة اسابيع بوقف دائم لاطلاق النار. أما حرب اسرائيل بكامل جبروتها وبقوتها العسكرية المفرطة ضد شعب غزة الأعزل فقد طالت واستمرت ودخلت شهرها الثالث والأرجح أنها سوف تمتد لعدة اسابيع أخرى على أقل تقدير وهو ما يصور مدى فداحة النكب اإانسانية التي تدفع غزة الأن وحدها ثمنها في غياب أي دعم عربي حقيقي لها….فهي تواجه وتتحمل ما لم تقدر عليه جيوش نظامية عربية بكامل أسلحتها وعتادها وتجهيزاتها…ففي كل تلك الحروب العربية الإسرائيلية أصوات المدافع في كل تلك الحروب سكتت أصوات المدافع بعد أيام وليس بعد شهور أو أسابيع وأما غير العرب ممن ظلوا لسنوات طويلة يبيعون الوهم للفلسطينيين ، وشكلوا فيلقا مسلحا اسموه فيلق القدس بحجة الدفاع عن قضيتهم وعن مقدساتهم الاسلامية ، فقد أداروا لهم ظهورهم وتركوهم للمحرقة الاسرائيلية تبيدهم وتدمر لهم حياتهم وتقتل أطفالهم ونساءهم ، وكان الامر لا يعنيهم متذرعين في سلبيتهم مما يجري انهم فوجئوا به كغيرهم دون ان يستشاروا مسبقا بشانهحتي يكون لهم راي فيه…وان ما يحدث في غزة هو شان يخص الفلسطينيون وحدهم…ومن هنا صمتوا وتحفظوا وابتعدوا….وبهذا الموقف المتخاذل سقط الوهم الذي خدعوا به القلسطينيين طويلا ، بل وسقطت الاقنعة الزائفة عن كل الوجوه التي كانت تضعها لتخفي به حقيقتها ، عربية كانت أو غير عربية…واصبحنا الأن أنام لحظة الحقيقة التي لم يعد فيها مجال للمراوغة او التزييف او النفاق أو الخداع أو الكذب أو التمثيل..فمجازر غزة القت ضوءا كاشفا على الكثير مما كان أمره خافيا علينا..وربما تكون هناك أوقات عصيبة وحالكة السواد لا تزال في انتظار غزة خلال الأسابيع والشهور المقبلة ، وأعني عندما يبدأ التهجير القسري لشعبها إلى خارجها لبعثرته وتشتيته وتشريده في كل بقاع العالم هربا من جحيم الحرب ومن استحالة الحياة في مدينة تعيش مع ظروفها البائسة كابوسا هو من اسوأ ما عرفه شعب من الشعوب…ولكم الله يا اهل غزة وكان في عونكم على ما أنتم فيه من أهوال وكوارث وابتلاءات تقفون فيها مع أنفسكم وحدكم….لكن رحمة الله واسعة…..
دكتور / محمد علي الطوبجي