أمجد المصري يكتب..فى إستقبالِ 2024
عامٌ ميلادى جديد يحلُم أغلب الناس فيه أن تتحسن أحوالهم المعيشيه كي يواصلوا رحلة حياتهم دون عائق وبشكل سلس يمكنهم من أداء رسالتهم فى الحياة تجاه من يعولون ، هكذا يتمني الناس دائمًا فى مطلع كل عام وتبقي الأمنيات مُعلقه ، يتحقق بعضها ويتأجل البعض الآخر لعامٍ ياتي بعده ، إنها سنة الحياة على هذه الأرض ، آمال وطموحات تصطدم أحيانًا بواقع وإمكانيات ، ويظل الرهان والقول الفصل مرتبط بكثير من الجهد والعمل والمثابرة حتى تتحقق أغلب تلك الأمنيات أو بعضها .
فى عقول المفكرين والمثقفين ومن تشغلهم القضايا العامة أكثر من حياتهم اليومية ربما يختلف الأمر قليلاً ، فتجدهم فى بداية كل عام يحلمون بشكل أكثر إنفتاحًا وتطلعًا ، يحلمون مثلآ بأن يشهد العام الجديد ثورة فكرية كامله تنجح فى فك لغز تلك التغيرات السلوكية والحياتية التى طرأت على مجتمعنا فى السنوات الأخيرة حتى أفقدتنا بعضًا من هويتنا المصرية المييزة ، ولذلك وفى عامنا الجديد ، سنظل نكتب عن ضرورة إعادة إحياء الشخصية المصرية وإعادة بناء عقول تلك الأجيال الشابة بما يليق بهذا الوطن وتاريخه العريق .
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم ، هكذا علمونا قديما، فلا غني عن عوامل الإقتصاد التي توفر للإنسان سبل الحياة الأساسية ، ولكن يظل لعوامل الفكر والعلم والثقافة والهوية أثر كبير فى تحديد مصير ومستقبل الأمم ، نحن لا نتحدث عن رفاهيات تأتي فى المرتبة الثانية بعد الغذاء والمسكن والملبس ، ليس هكذا تبني الأمم ، ولكن بمزيج من الأثنين معًا ، ظروف معيشيه طيبه على قدر إمكانيات المجتمع تتوازى مع حالة فكرية وتنويرية مساوية فى المقدار تؤهل العقول وتنير ظلامها
فى كتب التاريخ لم يذكر أحد أن شعب عظيم قد سقط وانهزم بسبب الفقر أو ظروفه الإقتصادية وحدها ، ولكن الشعوب تسقط من عقولها حين تنخفض درجات الوعي والإدراك والهوية ، فتهون الأوطان على ساكنيها ، نريد عمل جاد يشارك فيه الجميع من أجل بناء شخصية مصرية قادره على حماية مستقبل وتاريخ وحضارة هذا الوطن ، لا نزايد على أهمية العامل الإقتصادى لدى أغلب الناس ، ولكن لا نريد أيضًا أن نسقط فى فخ توجيه كل الجهود والأمنيات والدعوات نحو العوامل المادية فقط ونهمل معها كثير من العوامل الفكرية والقيميه التى ستحدد وحدها شكل ولغة ووجهة وهوية هذا الشعب وهذا الوطن .
اللهم أرزقنا عام يُغاث فيه الناس ، فتشبع البطون وتسعد العقول بفكر وفن وثقافة وتعليم وخطاب ديني ونخبة مثقفه متطوره تليق بتاريخ وحضارة أقدم شعوب الأرض وأعرقها ، اللهُم عامًا منيرًا ، وخسوفًا لكل تلك المظاهر والسلوكيات العارضة التى أعترت مجتمعنا مؤخرًا لنعود إلى الأصل ، والأصل فينا هو الخير والنور والحضارة والجمال . كل عام ومصر الحبيبة وشعبها المميز بخير وإزدهار .