أمجد المصرى يكتب...الناس و الإقتصاد
ربما لم يشهد تاريخ مصر الطويل مثل هذا الإهتمام الموجود اليوم لدى عامة الناس بأمور الإقتصاد، وسعر الصرف، ومعدلات التضخم، والسياسات المالية والنقدية المختلفة، وغيرها من المصطلحات التى لم يألفها العامة كثيرًا قبل عقود أو حتي سنوات .
اليوم يتحدث الجميع فى أمور الإقتصاد ويتابعون أسعار العملات الأجنبية والذهب لحظة بلحظه وهو ما يعكس أحساس هؤلاء بالقلق على المستقبل وأن الأزمة قد طالت ولابد لها من حلول ناجزه . من هنا جاءت دعوة الرئيس منذ أيام لعقد حوار وطني إقتصادى يرتكز على سبل الخروج من أزمتنا الحالية والمتمثلة أولا فى نقص شديد للعملات الأجنبية بفعل عوامل إقتصادية وسياسية عديدة تراكمت معًا فى توقيت واحد لتزيد من حجم الأزمه وتجعل الكل أمام مسئولية عظيمه اليوم وهى إنقاذ الأقتصاد المصرى والتفكير فى حلول خارج الصندوق لتوفير العملات اللازمة للإستيراد وسداد الدين الخارجي .
يبدو أننا امام لحظة فارقة بالفعل وعلى الجميع اليوم إخلاص العمل، وسرعة التفكير فى حلول عاجله، ووضع خطط قصيرة الأجل تمنح الإقتصاد المصرى بعض القوة، وُتشعر المواطن بأن هناك تحسن ولو بطىء قادم قريبًا خاصة مع وصول أسعار السلع والخدمات التى تقدم له إلى مستويات مرتفعة بسبب مستوى سعر الصرف المبالغ فيه وزيادة معدلات التضخم . على الحكومة الحالية أو من يخلفها مستقبلاً أن يكون الإهتمام الأول لها هو الإقتصاد وليس شىء آخر، فهذا هو المقوم الأساسي لحياة الناس ثم يأتي بعدها خطط التنمية طويلة ومتوسطة المدى لتستمر الدولة المصرية فى طريقها نحو البناء والبقاء .
على الحكومة اليوم تقع مسئولية مراقبة الأسواق بشكل صارم حتى لا يقع الناس فريسة لجشع بعض التجار وتختفي أو تقل عمليات المضاربة والإحتكار وإخفاء السلع، وتلك الفوضي التى عمت بعض أسواقنا لغياب الرقابة والعقاب . على رجال أعمال مصر أيضا أن يمدوا يد العون بمشروعات وأفكار سريعة الأثر تعمل على توفير السلع بشكل مخفض أو بهامش ربح بسيط ، فطالما أثرى هؤلاء من السوق المصرى وقت الرخاء وجاء أوان رد بعض الجميل لهذا الشعب وذاك الوطن .
على الناس أيضًا أن يقتصدوا فى إنفاقهم قدر الإمكان، وأن توجه كل ميزانيات البيت المصرى حاليًا نحو الأساسيات الضرورية فقط لحين عبور تلك الأزمة والوصول إلى مرحله تسمح ببعض الرفاهيات والإنفاق الزائد . كما يجب أن تلتزم الحكومة بكل وزاراتها ومؤسساتها بدرجة عالية من ترشيد الإنفاق ووقف أى أعمال أو فعاليات يمكن تأجيلها ولو مؤقتا حتي تمر تلك الأيام ويتعافى الإقتصاد الوطني . ويبقى على أهل مصر الطيبين المقيمين خارج الحدود أن يدعموا الوطن كما كان عهدنا بهم طويلاً بتحويل جزء من مدخراتهم للداخل حتي يتسني لنا أن نستمر فى الوفاء بالإلتزامات الداخلية والخارجية .. لا صوت يعلو فوق صوت الإقتصاد، فلنحسن العمل لعلنا ننجو جميعًا وترسو سفينتنا على بر الأمان .
أمجد المصرى يكتب…الناس و الإقتصاد