دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..منطقة الصراعات والحروب
من الصعب في منطقة الصراعات والحروب والأزمات والنكبات الاولي في العالم.، التنبؤ الدقيق بمجريات الأحداث المقبلة.، فالتوترات تتفاقم. ، والصراعات المسلحة تتجه نحو التصعيد. ، وما يقال في واشنطن حول الحاجة الي التهدئة وخفض التوتر ومنع التصعيد، وقصر الرد علي ما تتعرض له القواعد والقوات الامريكية في سوريا والعراق ، على وكلاء إيران واذرعها فيهما وذلك ضمن الحدود الضرورية لاحتواء تهديدهم لدور أمريكا وتواجدها في أحد أهم مناطق نفوذها ومصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في العالم…هذه الاعلانات الدبلوماسية الامريكية لا تعبر بصدق عن النوايا الحقيقية التي تكمن وراء هذه التطورات الاخيرة في مناخ إقليمي يمتلئ كما لم يحدث من قبل بكل عوامل التهديد والخطر. فإسرائيل دولة مارقة وخارجة على القانون الدولي وعلى ميثاق الأمم المتحدة وعلى إرادة المجتمع الدولي، وهي اقرب لان تكون دولة منفلتة، وهي تتصرف بلا اكتراث بالمواقف الدولية الرافضة لانتهاكاتها لقواعد القانون الدولي الإنساني في غزة ولحرب الإبادة الجماعية الشاملة التي تخوضها ضد المدنيين الفلسطينيين.، وهي ماضية في تنفيذ خططها العدوانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى النهاية.. ولن تتوقف الا بعد ان تكون قد دمرت ملف القضية الفلسطينية تماما وفرضت الأمر الواقع الجديد الذي تخطط له.. فالخطط والمشاريع جاهزة حتى من قبل إطلاق حماس لعملية طوفان الأقصى، وجاءت الأحداث بعدها لتوفر لها الظروف وكذلك الارضية اللازمة لتنفيذ كل ما كان ينتظر شارة البدء. وعلي الجانب الآخر، تقف الاطراف العربية.، وهي أطراف غير مؤثرة، وتكاد تنتهج موقفا محايدا بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ولم تصدر ادانة عربية رسمية واحدة لرئيس الوزراء الاسرائيلي كمجرم حرب،. والتحذيرات التي تصدر من بعض العواصم العربية لاسرائيل لا تجد صدى مسموعا لها في تل أبيب، وهو ما يفقدها جدواها..ويساعد على إطالة أمد الحرب على غزة.. ويضاعف من حجم الدمار الذي يحدث لغزة على أيدي الإسرائيليين. وأما روسيا والصين ، فإن مواقفهما لا تؤثر بأي شكل على الأوضاع الراهنة في الشرق الاوسط، وقد يكون السبب راجعا إلى انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا مما يجعلها تتوخى الحذر في تحركاتها تجنبا لاثارة مزيد من العداء الغربي لها.، وأما عن السبب بالنسبة للصين، فهو حرصها على عدم توتير علاقاتها مع أمريكا والغرب من أجل غزة أو فلسطين، واضعة في اعتبارها ان هذا الصراع ليس جديدا،. وان اي موقف متشدد فيه قد يتفاعل ضدها ويلحق الضرر بمصالحها، وهي لذلك تحاذر وتبتعد وتكتفي بعبارات الدعم للفلسطينيين في أضيق الحدود وبما لا يساء تفسيره من قبل الغرب او حتي من قبل الإسرائيليين. وأما ايران، فانها غارقة حاليا في حساباتها للموقف الراهن في المنطقة وللاحتمالات التي يمكن ان يتطور اليها وينعكس به عليها.. وهو ما يعني تركيزها على السيناريوهات التي يمكنها الرد بها على كل واحد من تلك الاحتمالات.، وهي عملية حساسة ودقيقة ومعقدة للغاية.. مهما تظاهرت بغير ذلك. أخيرا تبقى الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي بلا دور أو موقف أو قرار، وأمينها العام جودريتش يبدو تائها ومترددا، ولا يملك غير التصريحات الروتينية التي اعتاد العالم على سماعها منه ولم يعد يعيرها اهتماما.. هذا هو الشرق الأوسط الراهن وهذا هو المناخ الإقليمي والدولي الذي يحيط به ويؤثر فيه كما يتأثر به… المسارات فيه متقاطعة، والمصالح والأهداف متضاربة. ، والعشوائية في إدارة أزماته تكاد تكون هي النمط الغالب وهو ما يربك المحللين ويشوش على رؤيتهم ويفقدهم القدرة على الإجابة على السؤال الذي بات يفرض نفسه في كل مكان وهو : الشرق الأوسط إلى أين.؟
دكتور محمد علي الطوبجي