زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان اليوم لجمهورية مصر العربية والحفاوة البالغة التي استقبل بها الرئيس أردوغان من قبل الرئيس السيسي عند وصوله إلى مطار القاهرة الدولي ، هي تطور سياسي جيد للغاية وله دلالاته ومغزاه.. وهي تأتي تتويجا لجهود دبلوماسية متصلة بين الجانبين طيلة السنوات الماضية لإخراج علاقاتهما من حالة الجمود والتوتر والجفاء التي كانت قد وصلت اليها، ولا اري حاجة تدعونا للتذكير بخلفياتها وأسبابها، فأغلبها معروف لنا..والأمر المهم بالنسبة لنا الآن هو ان نتجاوزها وأن تتعلم من اخطائها..وأن نفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين مصر وتركيا…
هذا التقارب بين القاهرة وانقرة لا بد وان يكون له ما بعده.، فنحن لسنا بصدد زيارة بروتوكولية عادية في ظروف اقليمية طبيعية،. فالظروف عصيبة وحرجة ودقيقة وتمر بمنعطف خطير بفعل ما يجري فيها من احداث جسيمة ومروعة تكاد تخرج عن السيطرة.لتشعل حربا إقليمية واسعة. ومن هنا، فإن اشد ما تحتاجه هذه المنطقة الساخنة من العالم الآن هو التهدئة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترميم الجسور ، ولن يكون ذلك ممكنا إلا باحتواء خلافاتها وتوتراتها بتغليب صوت الحكمة والعقل، وبتقريب المسافات التي تباعد بين المواقف والسياسات.، وتعميق أواصر التعاون والتشاور والتنسيق المشترك، وبناء جسور متينة من علاقات الثقة المتبادلة بين دول المنطقة ، والتوافق على رؤية واضحة لأولويات المرحلة المقبلة من العمل الإقليمي المشترك في كافة دوائره ومجالاته.. نحتاج الي أجواء إقليمية نظيفة للخروج من المستنقع الذي غرقت هذه المنطقة فيه او اغرقوها فيه وما تزال تدفع ثمنا فادحا فيه لم تتكلفه منطقة أخرى في العالم ..نحتاج لأن نرى نقطة ضوء في نهاية هذا النفق المظلم الذي دخلنا فيه ولم نعد نعرف كيف نخرج منه..وكان للحماقة دور كبير فيه..
دعونا نأمل خيرا باذن الله،. وليكن هذا التقارب الجديد بين الدولتين الكبيرتين الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل التي طال انتظارنا لها…
دكتور / محمد علي الطوبجي
