ليلة عبد الناصر الأخير وحرب تحطيم الأصنام بنقابة الصحفيين
بقلم / منال الأخرس
احتشدت كوكبة من رجال الفكر والصحافة والسياسة والإعلام و الأشقاء من الدول العربية وتباين الأجيال احتفالا بمنجز هو الأهم في مجال الصحافة الوثائقية و دهاليز السياسة السرية للكاتب البارع والمفكر السياسي الكبير عبد الحليم قنديل أستاذ المقال في عصرنا الحديث وهو الكاتب الأكثر شعبية والمحلل الأكثر مصداقية لأنه يستخدم العقل ويعتمد على لغة المنطق في قالب شديد الفخامة والرقي ويجسد ببراعة المدرسة الأبقى في عالم السرد الصحفي وهنا لي أن أقول الصحافة الأدبية ذات المحتوى الثري والبناء والتجربة الإبداعية في مجال المقال الإبداعي صحفيا وسياسيا ظاهرة كاملة الأوصاف عنوانها الحرفي عبدالحليم قنديل الذي يجسد في ذات الوقت ظاهرة الأستاذ الذي يهتدي بها جيل بل أجيال قادمون ، نعلم جميعا أنه من النادر أن يجمع جمهور متعدد الفئات العمرية والمستويات الفكرية وأحيانا العلمية على اسم أو شخص وتلك معادلة صعبة حققها أستاذ الجيل بجدارة عبد الحليم قنديل الذي اتخذ من اللغة العربية بأناقتها وفنونها الراقية وسيلة لترصيع مقالاته بدرر ولازورديات ومنمنمات منمقة في أبهى صور التكوين اللفظي و البلاغي وأداة سحرية لتمرير لعنة السياسة ومكرها في إطار لغوي قادر على معالجة كل مفارقات الساسة مع الأحداث في تجربة مكتملة الأركان فريدة المذاق ، لا أجد من جيل الأساتذة الذي نهتدي به قنديلا مشتعلا كما أرى عبدالحليم قنديل في وقتنا الراهن وربما من حسن حظ جيلي الذي نال قسطا وافرا من التشرب بفكر وأدب الكبار من خلال القراءات حيث تربينا على عادة القراءة أو عاصرنا منهم من عاصرنا وتغذينا على ثقاقة الرواد مثل العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ و هيكل و تشبعنا بمدارس الصحافة المختلفة ابتداء من روزاليوسف وأخبار اليوم و الأهرام . جيلنا نال أكبر نصيب من كل هؤلاء و أتساءل هل القادم من الأجيال في عالم الصحافة أو في العموم سيكون له من ينير طريقه وفكره ويسير على هداه أم أننا نعاصر القنديل الأخير من النور ؟ وأخشى أن يأتي جيل لا يحب القراءة ولا يجيد إلا لغة الفرانكو اراب خالية المضمون مفرغة الدلالات و الجمال والرقي والأناقة خاصة مع تزايد استحواذ الذكاء الاصطناعي على مساحات شاسعة من ثروة الفكر الإنساني الحاضر والمستقبلي فلدينا برامج وتطبيقات للكتابة السريعة والترجمة الفورية والحلول سابقة التجهيز لأي معضلة ذهنية ، سيكون جيلا خاويا من التجربة التي تثقل قدراته نتيجة اللجوء للأسهل والأضمن و الأسرع في كل شيء فلن ترهقه أو تؤلمه أو تستهلك وقته فرص غير مجدية فكل حرف يكتب مداده السري عمق و صبر و معاناة لذا لكل حرف مذاقه ومعناه ونوره الذي ينير العقول والقلوب وتلك سمة تربينا عليها . تري ما سر الحرف في عهد جيل الذكاء الاصطناعي ؟ ذلك الجيل الذي سيواجه حروبا متعددة الأبعاد والمستويات وأجيال من الخبرات والضربات الموجهة له في مركز إنسانيته ما القنديل الذي سيهتدي به ؟ من المعلم و النموذج والقدوة والمثل الأعلى وما القواعد الثابتة التي سيرتكز عليها ؟ أنا لا أعلم …