د.عبير حلمي تكتب .. دوائر العلاقات
في حياتنا أنواع كثيرة من العلاقات منها ؛
الأسرية و الاجتماعية والمهنية والإنسانية ، منها العلاقات المقربة والغالية جدا، ومنها السطحية أو البعيدة .ومنها علاقات المصالح وهي متعددة الصور .
ولكل علاقة مسافة معينة يطلق عليها علاقات من الدرجة الأولى أو الدائرة الأولى التى تحيط بنا ثم الدائرة الثانية ثم الثالثة وهكذا بحسب حميمية العلاقة .
وهناك تعاملات اليوم الواحد التي لا ترتقي لمسمى علاقة أصلا
وتوطيد العلاقات تبدأ من السعي باهتمام للحفاظ عليها وتنميتها لتصبح علاقة مقربة كلها محبة وود وإخلاص ، والحفاظ على العلاقة ومستواها ورقم وجودها في دائرة حياتك ترجع لك شخصيا عزيزي القارئ .
فأنت من يقرر بقاء أو إلغاء تلك العلاقة .هناك علاقات تسبب السعادة والراحة ومصدر للطاقة الإيجابية . وهناك علاقات تؤدي إلى الاستنفاذ لطاقتك واستغلالك وتضيع وقتك .
وهناك علاقات تجدها سرا من أسرار نجاحك وتقدمك للإمام بالنصح لك والإرشاد والاهتمام بتفاصيلك وأحيانا ترتقي وتصبح تطفل كامل لحياتك وخصوصياتك وقد تقبل أو ترفض ذلك .
وهناك علاقات الاستفادة منك لتصل إلى علاقاتك من خلالك وتستفيد أكثر منك وهناك من يدخل بين الإثنين ليفرق بينهم (فرق تسود) أو يستفيد من نجاحك وشهرتك (جاور السعيد تسعد ) وهناك من يقرب منك ليكون شبهك لأنك أبهرته بشخصيتك وتفوقك وليتعلم منك ليصل من خلالك إلى ما وصلت إليه أنت وكما تحركت بنفس الخطوات يتحرك و يسلك نفس طريقك، واحيانا يتفوق عليك كما يتفوق أحيانا التلميذ على أستاذه ،
كل هذه العلاقات ودوائرها المختلفة تحدد مدى صلاحيتها ومدى استمرارها في حياتنا . ونحن من نقرر صلاحيتها ومستواها درجة أولى أم أخيرة.
ومع ذلك هناك ظروف تحتم عليك البقاء وترفض عليك علاقات غصب عنك كظروف العمل مثلا أو الدراسة أو أو …،
ولكن هل ما تظهره أثناء التعامل مع أي علاقة سيكون بالفعل الظاهر هو الباطن والمخفي ولا كما يقال( اللي فوق القلب في القلب )
كثيرا نتعامل بعكس ما بداخل قلوبنا لتحقيق منافع ومصالح معينة وكثيرا ما تُجهدنا تلك العلاقات وتسبب قلق وإزعاج نفسي لا مثيل له وندخل دائرة المفاوضات مع النفس بين البقاء أو البُعاد والهروب
وأحيانا نصل إلى حل وسط وهو الاختصار وكما يقال أيضا (الاختصار عبادة)
هل فعلا الاختصار يصل ويرتقي لدرجة العبادة ،يجوز في حالة إذا كانت هذه العلاقة سوف تفقدنا سلامنا أو تقودنا لمخالفة الشرع والدين هنا يصبح فقط الاختصار والبعاد بمثابة رجوع القلب للعبادة السليمة بقلب نقي نظيف وهو ما يدعى التوبة والرجوع إلى الله .
انتبه عزيزي القارئ لدوائر علاقاتك من أي درجة وحدد مستواها وحدد هل العلاقة تصل بك إلى أين ؟ وهل هي صادقة من القلب أو مزيفة وتحمل مسؤولية اختيارك سواء بالاستمرار أو الهروب ؟!!
حدد الدائرة الأولى بعناية خاصة في كل علاقة فهناك في العلاقة الأسرية كمثال دائرة أولى وهم أقارب من الدرجة الأولى ومع ذلك يمكن ألا ترتقي لمحبة الدائرة الأولى في علاقات الصداقة وهي ما يطلق عليها تؤام الروح الذي يكون بمثابة أقرب الأقرباء لك ومنك
من يهتم بأمرك من له السبق في السؤال عنك ومشاركتك الحياة بجميع ما لها من أفراح وأحزان وتكون تلك العلاقة الحميمة يد نجاة أو شراع الأمل الموجود بحياتك ،
العلاقات دوائر تحدد بحسب القلب والروح والراحة النفسية وليست بالتصنيف والقرب أو البعد
هناك من يحس بنا عبر المسافات أكثر وأسرع من المحيطين بنا من الدائرة الأولى كما يبدو .هناك من يفرح لفرحك أو يحزن لحزنك أكثر من أقرب المقربين لك دون أن يبالغ أو يهتف بصوت عالى .
هناك من يكون ذراع أمان لك دون أن تدري ولكن هذا ما يثبته الزمن لك والأيام كفيلة بذلك وكما يقال في الأمثال (ربنا يخليكِ يا شدة ) حقيقي وقت محن والأزمات يظهر ما في الباطن وأيضا وقت الفرح والنجاح يظهر من يفرح لك من قلبه ويشاركك وكأن نجاحك نجاحه تماما.
لاتهتموا بالمظاهر الخداعة، ولا تقاس العلاقات بالزمن وطول المدة (رُبَ أخ لك لم تلده أمك )ويظهر فجأة في حياتك ويكون من أيد ربنا لك ، لأنه مصدر أمان لنفسك وطاقة مشرقة دون زيف أو تزييف .