آراء حرة

د.رانيا فتيح تكتب.. أيام من عمرى



أيام من عمرى

انها ليست بمخيلتي……

ولكنني عشتها بأدق تفاصيلها

أيام شتوية……

حيث ينسدل الستار وإذ بفجأة أمي تفتح ستائر الأمل لنا كل بداية نهار . 

فنقوم صبيحة كل يوم على قبلة أمي ونحن بفراش نوم هادئ

يتبعها صوت أبي بالغناء لوردة بأجمل أغانيها……

وصوت الراديو على إذاعة الشرق الأوسط

ونحن نتسابق للوضوء لإقامة صلاة الصبح أنا واخوتي.

مع سماع صوت أمي وهي تنادي أسرعوا لتناول الإفطار…..

أمي تناولنا البيض والجبن وأبي يمسك لنا أكواب اللبن

……ثم يحين موعد المدرسة ….ينزل كلا منا مع صديقه في طريقنا إلى المدرسة لنصنع الذكريات مع الرفاق…..ذكريات مع الطرقات…….ندخل المدرسة لنكتنز العلم والرفقة ……ثم تعاود رحلة العودة لمنزلنا وسط أجواء شتوية…..

رذاذ من الرخات

تنزل على وجوهنا وملابسنا….مع وجود غيمة تظللنا…..ثم يزداد المطر ورخاته….

فتتبلل الشوارع صانعة حفر وعيون من الأمطار……تنتظر أقدامنا الصغيرة لندوس بها بحجه تنظيف الحذاء…….وسط أغنيات الاطفال العائدين من المدرسة

أغنيات بسيطة كد تكون من وحي خيالهم تعبيرا عن فرحتهم بنزول المطر…..

تلك الأغنيات التي أصبحت بالنسبة لنا تراث وذكرى جميلة تذكرنا بأيام الطفولة……

ندخل البيت وقد امتلأت الشوارع بمياه الأمطار…..واغتسلت البيوت والأشجار والمباني…   

وعندها وعلى باب البيت نتذكر أمي 

……كيف سوف تقابلنا بعد أن أصبحنا ثلجه يتساقط منها البرودة والمطرة

وإذ بأمي ترتجف خوفا علينا من البرد….

وتسارع في انقاذنا…..

وتحاول أن تجففنا من المطر…….

وسط رائحة طعامها وبخار المحشي يملأ المكان ليدفئة ……

نتجمع جميعا على مائدة طعام صنعت بمال أبي الحلال وجهد أمي الحانية

وأصوات ضحكاتنا تملأ بيتنا ونحن نقص لأمي وأبي عن أحداث يومنا…….

وبعد أن ننهي الطعام نحاول مشاركة أمي في إنهاء مشاق وأعباء المطبخ فتصرخ بنا الجو برد عليكوا هتمرضوا يلا 

(كل واحد ع اوضته لإنهاء الواجبات)

نجلس في غرفنا أعيننا على زجاج الحجرة حيث تراكم على الزجاج بخار الماء وسط أجواء شتوية رائعة لا تنسى……

نتسابق أنا وأختي للرسم على الزجاج بإصبع اليد وترسم قلب…..بداخله سهم الحب يقف اسم أمي على احد طرفي السهم وعلى الطرف الآخر اسم أبي…….

تأتي أمي لنا بالمدفأة وتدفئ لنا حجرنا ق

أقسم لكم بأن صوتها الحنون كان كافي لتدفئة قطبي الشمال والجنوب…..

ثم يأتي أبي حاملا لنا السحلب الدافئ ذلك المشروب الذي ارتبط كثيرا بايامنا الشتوية

…….

وهذا سرد ليوم شتوي

وسط أسرة أحبت الشتاء ليس للشتاء في حد ذاته وانما لطقوسه التي تطمئن قلوبنا وتزرع الحب في ابداننا وتغمر السعادة في أرواحنا

……..

كانت حياتنا بسيطه ولكنها كانت عظيمه

كانت حياتنا مكونه من ست أفراد أب وأم وأربعة أبناء كانوا وطن لبعض داخل وطن اكبر

…….

كل من كان يعرف اسرتنا كان يحبها ويريد أن يكون فرد منها……

دفء رهيب

صدق لم تجده في الدنيا

حب تقرأه في الأساطير والقصص الخرافية

تعاون لم يكن له مثيل

إنها الحياة التي اشبعتنا فيها أمي ،  أننا وصفناها بالجنة

والتي اشبعنا فيها أبي بالتفاني حتي شعرنا أننا بحلم دائما

استيقظت منه بعد أربعون عاما علي خبر وفاة أمي

إنها الدنيا بكل جبروتها وقوتها

سلبتنا نبض قلوبنا

وحبيت لديها روحت عاشت طليقة طوال عمرها

ولكنها إرادة الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى