د.رانيا فتيح تكتب .. حسن طوبار ( شيخ صيادي المنزلة )
كان طوبار شيخ صيادي المنزلة، وصفه المؤرخون بأنه أول مليونير في مصر، وقدرت ثروته إبان الحملة الفرنسية على مصر بخمسة ملايين فرنك.
كذلك كان يملك أسطول صيد يضمّ أكثر من 5 آلاف مركب، إلى جانب عدد من مصانع النسيج ومساحات شاسعة من الأراضى الزراعية.
ولكن عشقه للوطن كان أقوى من حبه لأمواله التي سخرها لمواجهة الحملة الفرنسية.
رفض طوبار الاحتلال الفرنسي، وسخر إمكاناته للتصدي له، لذا أحرق جنود الحملة الفرنسية قرية «الجمالية» في مدينة الدقهلية، التي كانت في حمايته، فصعَّد من مقاومته. في إثر ذلك، طلب الجنرال الفرنسي «فيال» في دمياط مقابلة طوبار فرفض، وحينما علم بونابرت أرسل بعض الهدايا ومنها سيف من الذهب إلى «فيال» ليقدمها باسمه إلى المجاهد كي يستميله بها، وكتب فيال إلى الشيخ حسن يستدعيه لتسلم هذه الهدايا فرفض وواصل المقاومة.
وكما يذكر المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في أول جزء من «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر»، كان طوبار الزعيم الوطني الذي أشعل نار الثورة في مختلف البلاد الواقعة بين دمياط والمنزلة والمنصورة، وبينما كان يحمّس الأهالي في البلاد كان في الوقت نفسه يجمع مراكبه في بحيرة المنزلة لمهاجمة الفرنسيين، وكان الرجل في نظرهم عنواناً للمقاومة والعصيان.
قاد طوبار المقاومة في نطاقه الجغرافي ورفض ممالأة الفرنسيين رغم ثرائه الواسع وأملاكه من دون النظر إلى تعرض ممتلكاته للخطر بسبب مقاومته، وجهز من أمواله الخاصة أسطولاً بحرياً من القوارب التي حاربت الفرنسيين في بحيرة المنزلة وهاجمتهم في دمياط، وأوشكت أن تخرجهم منها.
يقول الجبرتي: «وجد نابليون أنه لا بد من إخضاع هذا الزعيم بالحرب، وأنه لن يكون له سلطان على هذه المنطقة إلا بالقضاء عليه، فأمر بإطلاق حملتين كبيرتين إحداهما بحرية والأخرى برية، واستطاعت الحملتان أن تخضعا طوبار وتدخلا المنزلة يوم 5 أكتوبر 1798، ولم يكن أمامه إلا الفرار إلى الشام.
ودخل الفرنسيون منازله وقصره، ولكنهم لم يجدوه.
وفي الشام، تحديداً في غزة، لم يكف حسن طوبار عن المقاومة، فاستأنف نشاطه، وكون جيشاً من المقاومين وأسطولاً من 50 قطعة كي يبحروا به إلى دمياط لمباغتة العدو. ورغم أن الظروف لم تمكنه من إتمام هذه الحملة، فإن رعب الفرنسيين منه جعل نابليون يسمح له بالعودة إلى مصر بعدما أبقى ابن الشيخ عنده في القاهرة، وعاد حسن طوبار إلى دمياط».
لم يعمر حسن طوبار طويلاً. توفي في عام 1800، ولم تهتم أية جهة بقبره أو تخليد ذكراه وتاريخه سوى الرئيس جمال عبد الناصر الذي زار قبره ووضع إكليلاً من الزهور عليه، كذلك أصدر قراراً جمهورياً حمل رقم 2300 في عام 1962 باعتبار قصر المجاهد حسن طوبار مزاراً أثرياً يضمّ متعلقاته الباقية.
وأشارت هانم طوبار، حفيدة المجاهد، إلى عرض وثائق مراسلات نابليون وكليبر وصور الرسائل التاريخية إلى طوبار من محمد علي باشا وإبراهيم باشا، كذلك صور المجاهد وملابسه وسيفه إلى المتحف المصغر
وحسن طوبار هو الجد الأكبر للشيخ نصر الدين طوبار أحد أشهر من أدوا الابتهالات والتواشيح الدينية في مصر