د.عبير حلمي تكتب.. اليوم والغد
أيها الأبناء رفقًا بوالديكم
فنحن اليوم نَحملكم وننتظر منكم بالغد اهتمامكم وعنايتكم
ليس ردًّا للجميل….. فقد كان واجب منا وليس فضلا ولكن لكل عطاء مقابل ولكل حب مقابل . فهذه هي الحياة تمتد جيلا بعد جيل .
هكذا كانت جدتي تحمل أمي وأمي تحملني وأنا أحمل أولادي
وغدا أبنائي يحملون أولادهم .
وتنتقل مشاعر الأمومة ومشاعر الأبوة من هذا لذاك ويأتي دور العطاء والبذل والتضحية من الآباء للأولاد ،
وعلى كل ابن وابنة أن يرثوا الحب ومشاعر العطاء بلا مقابل
فليس للحب مقابل غير الحب .
وبهذا المعنى سيأتي اليوم الذي أحيانًا يحتاج فيها الوالدين إلى الأبناء فلذات أكبادهم بشكل أو أخر
يحتاجون للمشاعر والاهتمام
يحتاجون الخدمة والرعاية
يحتاجون منْ يمنحهم السعادة ويشعرون بأنهم ما زالوا على قيد الحياة بسؤالكم عنهم وزيارتكم لهم .
ولكنني اتعجب كل العجب .
عندما أذهب إلى أي دار للمسنين وأسمع حكايات كثيرة عن أبناء تركوا ذويهم بالدار وكل مهمتهم أن يدفعوا مبلغ الرعاية فقط،
وبهذا يكونوا قد أتموا بواجبهم من وجهة نظرهم ولا يعلمون ما هو الشيء الأكثر أهمية وهو سؤال منكم مرة واحدة في الأسبوع بمثابة أمل وحياة يحيا عليها هؤلاء باقي الأسبوع كله وفي انتظار التكرار ،
كل ما يتمناه هؤلاء نظرة منك للحظات قليلة
كلمة منك بالتليفون لدقائق معدودة ،
فكيف تعيش وتحيا وجزء من كيانك بل كيانك كله وأساس وجودك لا يحيا بالمرة ،
كيف لك بالسعادة والهنا وتطالب أبناءك بالحب وأنت بعيد كل البعد عن ذلك الحب ،
وللعلم سوف تكون قدوة يحتذى بها فيما بعد ….
اليوم تنكر وجود والديك ولا تذكرهم لسبب أو أخر ،
بكل تأكيد سيأتي عليك الغد ويحمل معه كل عطاءك ويرد لك أضعاف
(و بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم ويزداد )
هذا حق وصاحب الحق يردّها لأصحابها
(فما تريد أن يفعل الناس بكم أفعلوه أنتم أيضًا بهم )
هكذا تعلمنا أن الدنيا دول
بمعنى يومٌ لك و يومٌ عليك ،
فقد أخذت كل شيء فيما سبق
رعاية وحب و اهتمام وتربية ومتابعة بكافة الأنشطة الدراسية والرياضية ….الخ ،
لقد أخذت العمر كله ولا يتسنى لك إعطاء الفُتات من وقتك ومجهودك وأخر شيء يهم الوالدين وهو أموالك لو لزم الأمر كمصدر للحياة فقط ،
فالمهم والأهم هو الحب بكل مظاهره من عطاء واهتمام
وللأسف هذا لا يطلب و يرخص معناه جدًا إذا طُلبَ وأصبح عطاء وحب مقابل رجاء .