د.سمير المصري يكتب.. من السودان (انتباه … ايها السادة)
جلست امرأتان في أحد الحدائق العامة ….
مع كل امرأة ولدها ، وكان هناك عامل نظافة يكنس الحديقة … قالت أحدهما لولدها ” إذا فشلت في دراستك فسوف يكون مصيرك مثل ذلك الرجل الذي يكنس القمامة”.
أما الأخرى فقالت لولدها ” إذا تفوقت في دراستك فسيكون بإمكانك أن تصنع حياة أفضل لذلك العامل”.
لقد اتفقت غايتهما … وهي تحفيز ابنيهما للاجتهاد في الدراسة ، ولكن اختلف الأسلوب ، الاولى استخدمت عبارة سلبية “فشلت في دراستك”، واحتقرت عامل النظافة…
أما الثانية فاستخدمت عبارة إيجابية “تفوقت في دراستك”، وحثت ابنها أن يكون رحيما بغيره ويفكر في تحسين أحوالهم…
انتبهوا لرسائلكم التي توجهوها لابنائكم ، فهي تصنع وتشكل شخصياتهم وأخلاقهم وتوجهاتهم.
الأب والأم ..هل ضعف دورهما في التربية؟
لقد دخلت المنافسة على تربية الأبناء حدها الأقصى في السنوات الأخيرة ، فلم تعد المنافسة مقتصرة على الوالدين فقط ، بل تعدى إلى مجموعات أخرى أكثر تأثيرا ….. في مقدمتها وسائل التواصل الإجتماعي وألعاب الفيديو الألعاب والخدم والأصدقاء الجدد . فهل ضعف دور الأم والأب في التربية ؟
هل “ استقال” الأم والأب من وظيفة تربية الأبناء بعد ان قصرا في أداء المهمة وفشلا في تحقيق الهدف .
من المعروف في مجالات التربية أن يحتفظ الأبناء بما يحاول الآباء تركه فيهم ، وزرعه بهم منذ الصغر ، إذا استخدم الآباء طرق تربية صحيحة، إذ يمكن أن تؤثر بعض العادات الخاصة بالوالدين بشكل غير مباشر على تربية الأبناء ، بغض النظر عما إذا كانت هذه العادات إيجابية أو سلبية.
المشكلة الكبيرة في عصرنا الحالي، أن تأثير الأم والأب على الأبناء لم يعد له وجود ، فقديما كانت نتيجة الطفل أو الشاب تظهر مع تقدمه في العمر من خلال التعاليم التربوية والدينية التي يكون قد تلقاها من والديه ،
أما اليوم فهناك مؤثرات كثيرة خارجية لا يتحكم فيها الأب ولا الأم، فأصبح تأثير الوالدين على أبنائهم ضئيل جدا، أو يكاد أن يكون منعدما.
لم يعد احد يقتنع بمبررات أحد الوالدين ، “خاصة الأب ” بمبرر الانشغال الزائد عن الحد ، والسعي لتوفير لقمة العيش والحياة الكريمة لأبنائهم ، كونه سبب لضعف درجة الاهتمام بتربية الأبناء .
فلم تعد مهمة تربية الأبناء مهمة خالصة للأبوين، وترك الأمر لتدخل عدة عوامل ومؤثرات أخرى خارجية أصبحت تتحكم بأكثر 70% في مسألة التربية، لدرجة أن أحد الوالدين على الأقل، أو كليهما، قدم استقالته نهائيا من الوظيفة، وترك الأمر لهذه المؤثرات التي أصبحت تتحكم في تشكيل شخصية الطفل وثقافته وميوله وتربيته بشكل عام.
والنتيجة في غالب الأحيان انحراف الأبناء وسيرهم في ركب آخرين يجدون عندهم الاهتمام .
هؤلاء “الآخرين” قد نجدهم في وسائل التواصل الاجتماعي، في شخصيات الفيديو أو الجنسيات المختلفة للخدم ، ونوعية من البشر ينشطون عادة في مجال صناعة المحتوى، بغض النظر عن هذا المحتوى ما إذا كان مناسبا للطفل أو لا، من حيث عمره وتقاليده ودينه.
عندما نلقي نظرة على حال الأبناء في البيوت والمدارس والشوارع، ندرك جيدا أن الآباء والأمهات قدموا استقالاتهم منذ زمن، وتركوا الأبناء بلا قدوة في ظل تيارات فكرية عدة يستقونها من خلال البرامج الكرتونية الموجهة التي لها تأثيرات سلبية فيهم، وصناع المحتوى، وتطبيقات الفيديو التي أصبح من المستحيل مراقبتها أو منعها.
إن الأصدقاء هم أكثر تأثيرا في الأبناء ، لأن التقنية الحديثة التي غزت البيوت لا يحصل عليها الاولاد إلا من خلال أصحابهم ، لجهل الآباء بتلك التقنية.
إن تواجد الأصحاب مع بعضهم بعضا يزيد مساحات التفاهم بينهم أكثر من وجودهم داخل الأسرة مع الوالدين، خاصة ان المراهق يبحث عن الاستقلالية.
غدا صباح مصري جديد …
تحياتى وتقديري واحترامي ،،،،،