د.عبير حلمي تكتب.. اختلال الموازين
أترك لكم عنان التفكير في ذلك الموضوع الخطير،
فنحن نحيا بعالم التزييف و التمثيل و الخداع والنفاق ومطلوب منا ارتداء هذه الأقنعة لكي نحيا وسط وحوش الأرض في سلام . ونحصد ما نتعب فيه بهذه الطرق وتلك الألاعيب ولا نفصح عن ما بداخلنا من آراء سوف تسبب المشاكل وتتوقف المصالح أيضًا.
و لو تعاملنا بما هو داخلنا أي بالحقيقة فعلا سنخسر كل شيء،
ومن العجيب أنه في نفس الوقت مطالب من كل ممثل يلعب دوره بإتقان وباحتراف ، ليصل لقلوبنا هذا التمثيل كأنه الحقيقة لكي يصدقنا الجمهور ويصفق لنا الجميع ونحصد الجوائز المختلفة على إقناع المشاهد بالتمثيل الزائف على أنه الواقع المعاش والصواب والحق والحقيقة ،
أي نحيا عالم الحقيقة بالتزييف المعهود المطالب منا لكي نحيا كما نرغب ،
ونحيا ونتعايش مع التمثيل بغياب الحق مجسدًا في عالم الإبداع والخيال ولكنهم اقنعونا بالواقع المعاش ،
إذن ياترى منْ فينا هو الممثل المستحق لقب البارع ؟
من يتقن دوره بالحياة أم من يمثل علينا الحياة في التمثيل.
وهنا استوقفني المشهد بتبادل الأدوار وهل تنجح تلك الفكرة ؟
وهل يستحق المشاهد طالب المتعة بالمسلسل أو الفيلم ليخرج وهو مقتنع بالممثل و بصُناع الفيلم من جسدوا الواقع الأليم وما به من متناقضات بكل صدق في الأداء وبذلك يستحق جائزة أفضل ممثل وأفضل كاتب وأفضل سيناريست وأفضل مخرج لأنهم اقنعونا بالحقيقة في مصنع التمثيل؟
بالفعل هنا المشاهد وصل للمتعة المطلوبة الذي يستحقها بعد ما أنتظر ساعات المشاهدة ليستمتع بصدق التمثيل ،
وهناك أدوار في الحقيقة تفشل وتخسر كل شيء حينما تُجسد الحقيقة في واقع الحياة دون تزييف ودون تمثيل وهنا يصبح المرء لا يجيد لعب الأدوار وأيضًا يتصف بمواصفات الفاشل في العلاقات فكلمة الحق دائمًا لا مكان لها بأرض الواقع وسبب لمشاكل عديدة ،
اختلت الموازين و أصبحنا في عالم التمثيل نمثل الحياة ،
و نُجسد حياتنا الحقيقة بمصداقية الأداء وواقع التمثيل .