د.سمير المصري يكتب.. الخطأ الأكبر
الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الأطباء أنهم يحاولون علاج الجسد دون العقل، بينما العقل والجسد وجهان لعملة واحدة } ،
مقولة قبل آلاف من السنين للفيلسوف “ أفلاطون ”،
مقولة تشير أن جزءا من شقاء الإنسان وسعادته ، ومرضه وصحته ، مرتبط بحالته النفسية .
أن طمأنينة نفس الإنسان المعاصر والسكينة القلبية هي من أهم طرق العلاج البدني والنفسي والاجتماعي أمر حقيقي وهو في غاية الأهمية .
في مايو 2021 ذكرت مجلة ” Health Affairs ” الأمريكية أن تكلفة الرعاية الصحية العقلية في الولايات المتحدة تفوق الرعاية الصحية في المجالات الأخرى ، و بلغ الانفاق على الرعاية الصحية العقلية ما يقرب من 225 مليار دولار عام 2019 ،
ووفقا للاحصاءات الرسمية الأمريكية فإن الاكتئاب وحده مسئول عن خسارة 44 مليار دولار سنويا ، وأن 112 مليون أمريكي يعيش في مناطق يندر فيها تقديم الرعاية في مجال الصحة العقلية.
ومن ناحية أخرى تؤكد التقارير الدولية ارتفاع نسبة الاقبال على المهدئات والأدوية المنومة والمعالجة للقلق في العالم، خاصة في الدولة المتقدمةوتزيد هذه النسبة مع الازمات، وفي تقرير مهم لمنظمة الصحة العالمية عام 2021 أكد على تزايد نسبة تعاطي المخدرات في العالم بنسب غير مسبوقة، فأشار أن 275 مليون شخص تعاطوا مواد مخدرة أثناء أزمة فيروس كورونا بزيادة 22% عن العام 2010.
ولكن لماذا فقد الإنسان المعاصر طمأنينته وسكينته، وخضع للمرض النفسي والعقلي؟
ولماذا لجأ إلى المخدرات لتُغيب عقله ووعيه ؟
ولماذ يهرب من صحوته ويقظته ؟
وهل التفكير والتأمل يقود إلى أزمات وجودية ؟
نعم … إن هذا الإنسان يحتاج إلى لحظات هروب أمام تساؤلات نفسه وقلبه وعقله، فتلك التساؤلات إذا لم تجد الإجابة الشافية من الإيمان، فإن الطمأنينة والسكينة يحل مكانها القلق والتوتر.
كان الكاتب والطبيب الفرنسي “ألكسيس كاريل” Alexis Carrel يقول ” من يمكنهم الاحتفاظ بالسكينة وسط صخب مدينة عصرية، هم دون شك، معصومون من الأمراض النفسية” .
إن ضغوط الحياة، وسرعتها المفرطة، وتزايد الصخب، وقلة الأشخاص القادرين على ترميم ما ينهدم من القلوب والنفوس في ظل التنافس الحياتي ، يُفقد الإنسان سكينته وطمأنينته ، ويضعف مناعته النفسية والعقلية أمام تقلب الحياة وصروف الدهر ، والقلب يحتاج أن يقر ويستقر، ولا يضطرب، ويواجه الشدائد بثبات وبلا جزع،
نعم … اعلم إن هذا لا يتحقق إلا مع الإيمان، واستلهام نافذة أخرى للقلب ليطل منها على الواقع، نافذة تجعله يتصل بقوة غيبية عظيمة تسانده ويلجأ إليها في أزماته.
أن الإنسان المعاصر لا يرغب في الهدوء، فالهدوء يفتح باب التساؤل، ويبدد الطمأنينة الموهومة،
يقول الفيلسوف “نيشته” ” كل لحظة من الحياة تريد أن تقول لنا شيئاً ، لكننا لا نريد الإصغاء إلى أصوات الروح، فعندما نكون وحيدين وهادئين نصبح خائفين من أنّ شيئاً ما سيهمس في آذننا، ولذا نكره السكينة ونخدّر أنفسنا بالصحبة”.
في صباح مصري …
غدا الطمأنينة ، والسكينة ، وراحة البال
تستكمل ….
دمتم في رعاية الله وحفظه…وطمانينة وسكينة