د.سمير المصري يكتب.. الرحيل و أشياء أخرى
تمر علينا لحظات عصيبة ، هي لحظات الرحيل والفراق ، فالرحيل يكون نهائيا بلا عودة ، مثل توديع أحباب لنا توفاهم الله ، وأصبحوا مجرد ذكرى ، انه شعور صعب أن يوصف ، يغلب عليه الحزن الشديد وعدم
تقبل الحياة بدونه ، ولكنها سنة الحياة التي ينبغي لنا أن نسلم بها .
لولا الصدمات لبقينا مخدوعين لمدّة أطول ، هي قاسية لكنها صادقة ، فالرحيل كالعين الجارية الّتي بعد ما أخضرّ محيطها نضبت ، وقمة العذاب أنك تشتاق لشخص وأنت تحاول أن تنساه.
في يوم ما .. قد يأتي ممكن أن يودعك شخص بدموع عينه .. والقلب يصرخ ، يصرح لك عن حنينه .. ايكفى ذلك لتبقي و لا تبتعد ؟
قد تشتَاق لِنَفسك القَديمَة ، هي لا تحمل هماً وَلا تبالي لأمراً.
فهي تراك لا تقدر على الفراق .. تطلب منك عدم الرحيل .
العين قد لاتريد أن تري سواك ، ولا حتى القلب لايريد بكل تاكيد ان ينساك …. ابدا .
قد يسألك أحدا الرحيل حتى يظل ما بينكما شيئا جميلاً ، حتى يكون عمره طويلاً . فالفراق لسانه الدّموع ، وحديثه الصمت ، ونظره يجوب السماء .
ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻧﺠﺎﺡ ﺃﻱ ﻋﻼﻗﺔ ﺃﻥْ ﺗﻜﻮﻥ ﻣُﻘﺘﻨﻊ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻲ ﻟﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣُﺘﻔﺮﻏﺎ ﻟﻚ 24 ﺳﺎﻋﺔ..
ﻻﺗُﻌﺎﺗﺐ إﻧﺴﺎﻥ ﻻﻳﺴﺄﻝ ﻋﻨﻚ ﺑﻞ ﻋﺎﺗﺐْ ﻧﻔﺴﻚَ لأﻧّﻚ ﺗُﻔﻜّﺮ فيه دوما ، وتطلب منه أن يفعل ذلك.
هناك بعض الأﺷﺨﺎﺹ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻗُﺪﺭﺓ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣُﻬﻤﻴﻦ في حياتهم إلى جُدران .!!
ولكن كن علي يقين ان ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺪﺩﻭﻥ ﺑﺎﻟﺮّﺣﻴﻞ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻓﻘﻂ ﺃﻥْ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ , ﻭ ﺃﻥ ﻳﺸﻌﺮﻭﺍ ﺑﺄﻥّ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﻣﺮﻏﻮﺏ ﻓﻴﻪ ..
ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻟﺮّﺣﻴﻞ ﺣﻘﺎً ﻓﻬﻢ ﻳﺮﺣﻠﻮﻥ ﺩﻭﻥ ﺗﻬﺪﻳﺪ .
ﺃﻥّ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺳﺮﻳﻌﻲ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﺘّﻌﺼﺐ ﻫﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺳﺮﻳﻌﻲ ﺍﻟﺘّﺄﺛﺮ ﻭﺍﻟﻌﻄﻒ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ، ﻭعرضي ﻟﻠﺒﻜﺎﺀ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ، اعلم ان هؤﻻﺀ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺟﻴﺎﺷﺔ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﻭﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ . وهم عرضي للرحيل أكثر من غيرهم .
قد يكون ﺍلاﻛﺘﺌﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ ﺍلمرء ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ، ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ .
ﻓﺈﻥَّ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻚ ﻟﺼﺪﻳﻖ ﻓﻜﺎﻫﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻳﻮﻣﻴﺎً، ﺗﺤﻤﻴﻚ ﻣﻦ ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑـ بالعديد من الأمراض النفسية ولا تجعلك عرضي للرحيل .
ثق ﺑنفسك .. الاكيد انك لا تعتقد ﺑﺄﻥّ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺳﻴﻌﺠﺐ ﺑﻚ ﺑﻞ ” ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨّﻔﺲ ” ﻫﻲ ﺍلاﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻭ ﻋﺪﻣﻪ ﻟﻦ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻚ !
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﺔ ﺍلاﻧﻬﻴﺎﺭ ، ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨّﺼﺎﺋﺢ ﻭﺍﻟﻌﺘﺎﺏ فيساعده ذلك علي عدم الرحيل .
اذا أتتكَ رسالة تغضبك لا تردْ ، تأخر في الرّد عليها ولا ترّد
مُباشرة …فبعد يوم ستجد نفسكَ ترد عليها ردا حكيما أو أنّها تافهة لا تستحق الرَّد ، فلا تكون سببا للرحيل .
واعلم ان الأذواقُ ليست متساوية ….فأحدهم يراكَ شيئا عاديا والآخرُ يراكَ الجمالَ بعينه. فلا تجعل اختلاف الأذواق سببا للرحيل .
بعضُ الأشخاص ليسوا مُخلصين لك …هم مخلصين لاحتياجهم لك …بمجرد أنْ يتغَّير احتياجهم لك يتغيّرُ إخلاصُهم !!
ولكن اعلم ان أسوء الراحلين إنسان يرحل عنك ، ولم يرحل منك.
أصعب شعور في الدنيا عندما تحب بشكل كبير ، وتطرد من قلب من تحب دون سابق إنذار ، ومنْ المؤلم أنَ تكونْ الابتسامة دائِمة علىٌ وجهَك ، وأنتّ فاقدُها فيّ قلبك ، فياتي الرحيل سريعايمتطي جواده .
ما أصعب أن تبكي بلا دموع، وما أصعب أن تذهب بلا رجوع، وما أصعب أن تشعر بضيق، وكأنّ المكان من حولك يضيق ، وهي مرحلةما بعد الرحيل .
الخلاصة
يوما ما بعد الرحيل ستقول يا ليت الزّمان يعود، والّلقاء يبقى للأبد ، ولكن مهما مضينا من سنين سيبقى الموت هو الأنين ، وستبقى الذّكريات قاموساً تتردّد عليه لمسات الوداع والفراق ، والوداع والموت هو البقاء ، فالوجع أن أحبك بعمري وعمرك يصبح لغيري.
عند الرحيل، اجعل لعينيك الكلام فسيقرأ من أحبك سوادها، واجعل وداعك لوحةً من المشاعر، يستميت الفنّانون لرسمها ولا يستطيعون، فهذا آخر ما سيسجّله الزّمن في رصيدكما.
الرحيل حزن كلهيب الشّمس يبخّر الذّكريات من القلب ليسمو بها إلى عليائها، فتجيبه العيون بنثر مائها؛ لتطفئ لهيب الذّكريات.
غدا صباح مصري جديد … وقرار الرحيل ،،،،
دمتم في امان الله وحفظه ورعايته ،،،،،