د.سمير المصري يكتب.. القلب له أحكام
لا يكن قلبك ضيقًا … القلب الكبير أقوى من الشر ، هو
يتأثر بسرعة ، يتضايق بسرعة ، ويندفع للانتقام لنفسه..
كن كبيرًا في قلبك ، صدرك واسع ، احتضن في داخلك جميع اساء إليك .
وقتها ستشعر بالسلام الداخلي ،
وقتها سوف تدرك الرضا … وبركة القلب الكبير..
قلبك الكبير لن تتعبه إساءات الناس ، ولا يقابل الإساءة بالإساءة ، قلبك الكبير تذوب الإساءات في خضم محبته وفي لجة احتماله،
قلبك … الخير الذي فيه أقوى من الشر الذي يحاربه. ودائمًا ينتصر الخير الذي فيه.. ومهما أسيء إليه، يبقى كما هو، دائم المحبة للناس، مهما صدر منهم.. وفي إساءاتهم، نراه لا ينتقم منهم، بل يعطف عليهم .. إنهم مساكين، قد غلبهم الشر الذي يحاربهم.. وهم يحتاجون إلى من يأخذ بيدهم، وينقذهم من هذا الشر الذي خضعوا له في إساءاتهم لغيرهم..
وإذا انتقم الإنسان لنفسه، يكون الشر قد غلبه، وأخضعه لحب الانتقام ، وأضاع من قلبه التسامح والاحتمال والمودة..
قلوبنا المحبة للناس توضع تحت الاختبار عندما نتعرض لإساءاتهم .
نعم القلب له احكام …. كل إنسان يستطيع أن يحب من يحبه ، ويحترم من يحترمه ، ويكرم من يكرمه.. كل هذا سهل لا يحتاج إلى مجهود .
ولكن نبيل هو الإنسان الذي يحب من يكرهه ، ويكرم من يسئ إليه .
اجعل حبك للناس بلا مقابل . ان الذي يحب لا يطلب حبا في مقابل محبته ، لا ينتظر أجره في الدنيا ، ولذلك يكون كل أجره محفوظًا في السماء – إذ لم يستوف منه شيئًا على الأرض .
قلبك الكبير ليس تاجرًا يعطى حبًا لمن يقدم له حبًا ، أو يعمل خيرًا مع الذي ينقذه .
قلبك يصنع الخير مع الكل، بلا مقابل. يعمل الخير لأن هذه هي طبيعته .
لذلك فإنه يعمل الخير مع من يستحقه، ومع الذي لا يستحقه أيضًا ، مع المحب ومع المسيء ، مع الصديق ومع العدو .. الشمس التي تشرق على الأبرار والأشرار ، والسماء تمطر على الصالحين والطالحين .. بل أنه درس نتعلمه من الله نفسه، الذي يحسن إلينا حتى ونحن في عمق خطايانا.
إن القلب له احكام …
ف القلب الكبير لا يعامل الناس كما يعاملونه، وإنما يعاملهم حسب سموه وحسب نبله .
هو لا يتغير في سموه وفي نبله طبقًا لتصرفات الناس حياله. إنه لا يرد الإساءة بالإساءة لأنه لا يحب أن تصدر عنه إساءة لأحد، ولو في مجال الرد.
أما ضعاف القلوب فإنهم يتأثرون بتصرفات الناس ، وتتغير ردود أفعالهم تبعًا لها .
العبرة
هل من احكام القلب رد الإساءة بالإساءة ، ومقابلة الخطأ بالخطأ ؟
هناك إنسان يرد الإساءة بمثلها ، التصرف بتصرف، والإهانة بإهانة.. وقد يرى نفسه أنه تصرف بعدل ولم يخطئ، لأن هناك من يردون الإساءة بأشد منها، ويعللون ضمائرهم بأنهم في موقف المعتدى عليه.
هناك نوع آخر لا يرد الإساءة بمثلها، فلا يقابل إهانة بإهانة ، ولكن الرد يظهر في ملامحه في نظرة احتقار، أو تقلب الشفتين بازدراء ، أو في صمت قاتل.. إلخ.
وقد يوجد من لا يفعل شيئًا من هذا، ولكن رده يكون داخليًا، في قلبه وفي نيته. ويتصور في قلبه أشياء تحمل معنى رد الإساءة أو أشد، ولكنها مخفاة..
و يوجد إنسان قد لا يفعل في الداخل من الإساءة. ولكنه إذا سمع أن المسيء أصابه مكروه يفرح بالخبر، ويرى أن الله قد انتقم له. وبهذا لا يكون قلبه نقيًا تجاه من أساء إليه..
وقد يوجد إنسان لا تحاربه هذه المشاعر، بل قد يحزن حقًا إذا حدث مكروه لمن أساء إليه، ولكنه في نفس الوقت لا يفرح إذا حدث خير لهذا المسيء. إذ يرى انه لا يستحق الخير، فيتضايق لأخباره المفرحة، وبهذا لا يكون قلبه نقيًا من جهته..
درب نفسك على درجات روحية، لكي تصل إلى نقاوة القلب. وإن لم تستطع أن تصل إلى أية واحدة منها ، فعلى الأقل لا تبدأ بالإساءة إلى غيرك..
غدا صباح مصري جديد ،،،،،
بمشيئة آلله تعالى وبركاته ….
” القلب له احكام ”