هي فقط من يتخلى القلب عن غفلته لهول فقدها، فبها الدنيا ضحكة؛ حتى وإن لم يبتسم لك ثغرها ولم تذق من كأسها إلا مرارة شرابها، وهمسة وصل بالعيون، ووصال بلا هجر، وإذا غبت عنها وغشيتك الدنيا بدثارها، ناشدتك في دعائها، وبين الدروب التمست رائحتك، وسألت عنك كل بقاعها، ومن نبعها نهلت عطفها وإهتمامها، وإذا ألقيت همومك في حجرها، نثرتها بركات ورحمات من رب الغيب آتية.
الكلمة الجارحة منها هي الخوف عليك من غدر الأيام وأهلها، فأنت قرة العين وحبة فؤادها، وثمرة آمالها لدمية كانت تحتضنها في أيامها الأُوُل، دعتك باسمك قبل أن يكون لك وجود في كيانها، تكتسح من أجلك الشوك بظفارها، وتحمل عنك الآلام بين ضلوعها.
