د.عبير حلمي تكتب.. عيون تتربص
ما أكثرها في هذا الزمان عيون تتربص بك ، تبحث لتكتشف غلطة لك ، ولكي تمسك عليك شيء يُدينك وتلك العيون هي عيون الحقد والحسد والغيرة، عيون للهدم وليس للبناء . عيون تتمنى لك السقوط إلى الهاوية و مع ذلك تُعلن الاستشهاد والبراءة ، ومالها قصد أو سوء نية ولكن كل ما تهدف إليه الحقيقة و ظاهر الحق ، و تحاول أن تصلح ما أفسده الدهر وأنها تدعو للفضيلة والمُثل العليا وعدم الغش من هؤلاء المخطئين من وجهة نظرهم ، و حتى لو كانت غلطة بسيطة يقع فيها كل يوم الملايين .
ولكن صاحب العين المتربصة لا يرحم ولا يعذر فقد حكم وأعلن نفسه الحاكم بأمره وأخذ دور الحاكم العادل وليس ذلك فقط، و إنما الأكثر يقوم بالتحريض و التشوية لك وأحيانا المبالغة ليتم المراد وهو التصديق والتوثيق لما يقوله و كأن جميع البشر سوف ينحنوا له إجلالا . فهو صاحب الاكتشاف الرهيب وهو صاحب اللسان اللاذع والكل يخشى ان يقع تحت طائلة هذا اللسان في يوم من الايام . و الجميع يهرب ويكتفي أن يكون في سلام منه فلا يخالف له رأي لعلّ وعسى ينال من الحب جانب كما يقال.
وأحيانا يصل به إلى الشعارات والتنديد لها بالقيم والمُثل وقول الحق وهكذا يصبح أيضًا زعيم وله من المقيدين له العشرات والمئات ولكن نسي و قد تناسى صاحب العين المتربصة الشريرة أنه تحت عين ومسمع الله فهو يرى ويسجل كل شيء و يمهل ولا يهمل أبدًا.
وهناك أصحاب عين التربص من أجل التقليد و شعارهم داخل أنفسهم قَلّد ولا تحسد،
وأمام الناس يقول صدفة و توارد أفكار وذوق وحُسن تصرف
وهؤلاء ايضًا يدّعوا المثالية وأنهم أصحاب الفكر دون غيرهم والعظمة لله وحده.
وهناك عيون تتربص وتتابع من أجل الإعجاب والتشجيع والتقدير والمحبة وتتمنى للجميع الخير وتسعى لخدمة كل من كان دون محبة وبدون هدف خاص أو غرض مقصود . هؤلاء أصحاب الطاقة الإيجابية والقلم الرفيع النزيه و المترفّع عن كل شيء فهو لا يرغب شيء غير السعادة والحب والوئام يظن به الجميع أنه من العالم الآخر وأنه ملاك نزل من السماء وهو ليس ببشر عادي وتحت الضعف مثل الجميع ولكن تربى على ذلك تجده من عائلة أصيلة متأصلة في الخلق وأصحاب مبادئ وأصحاب القول الواحد دون تزييف . ولكن يا خسارة هؤلاء يصبحوا المضطهدين من الكثيرين وأكثرهم يقع تحت قول ( لا أصبر شوية ) ، هيظهر على حقيقته فهو يعلن عكس ما يبطن ويمثل الخير لغرض ما في نفس ابن يعقوب وكم وكم من التجريم والتحريم والتشكيك والظنون به فلا يسلم القول الرفيع من الأذى كما يقال،
وهناك عيون تتربص ولا تنطق لا بالسلب ولا بالإيجاب
فهم أصحاب حزب الكنبة ولهم قول شهير ( خلينا في حالنا احنا ما لنا ) ( واللي داخل بين البصله و قشرتها ) كما يقال في أمثالنا الشعبية وهؤلاء لا نفع منهم ولا ضرر و يغفلون حقيقة الساكت عن الحق شيطان أخرس ،
يا أصحاب العيون المتربصة بنا جميعا ، دع الخلق للخالق ،
وليهتم كل منا بحياته التي قدّرها الله لنا و لنرضى بما كتبه الله . ففي رضاه المحبة و السعادة ، و نسعى للحب والخير والبناء وليس للهدم و الكراهية . و أن لا نقول إلا الحق فهكذا نبني و لا نهدم و نحب و لا نكره و نتّحد ولا نتفرق .
فالخير من الرب للجميع وبالتساوي فهو لا يظلم أحد أبدا و إذا نظرنا بحكمة هنشكر ربنا على كل نفس.
وتدرك أنك المفضل المميز عنده ، ومع ذلك فجميعنا المفضلون ولكن هناك من يشكر على النعم فتزيد وهناك من لا يرى ولا يشكر ولا يرضى ويتعثر في كل شيء و ينقم على الحياة وعلى كل من حوله ويقوم بإلقاء التهم جزافا وكأنه المظلوم وإنما هو منْ ظلم نفسه وحده بعقله المريض .
أحمِد واشكر وحب تجد ما تبحث عنه دون أدنى جهد
واجعل عينيك تنظر إلى كل جميل وتغاضى عن كل ضعف فكلنا يا عزيزي تحت الضعف.