دكتور / حسين سيد حسن عبد الباقي يكتب..مثلث الأمان الوظيفي في عصر التحول الرقمي
يعبرالأمان الوظيفي عن الحالة النفسية التي تعكس توقعات الموظفين حول مدى الاستمرار في العمل داخل نفس جهة العمل، ويمثل الحالة الذهنية التي يكونها الموظف حول مدى استقراره في وظيفته الحالية على المدى القريب، وينشأ الأمان الوظيفي نتيجة لممارسات وسياسات جهة العمل تجاه الموظفين، ويعكس الأمان الوظيفي الثقة التي تظهر في أداء العاملين أثناء تأدية مهام أعمالهم، والتي تعبر عما تحققه لهم الوظيفة من إشباعات للحاجات المادية والمعنوية، ويساعد الأمان الوظيفي على تحفيز الموظفين، ويؤثر إيجاباً في تغيير سلوكيات العمل السلبية وفكرة ترك الوظيفة، ويدل الأمان الوظيفي على استقرار الوظيفة، لإرتباطه بنتائج العمل الإيجابية مثل الالتزام التنظيمي، ويؤدي الأمان الوظيفي دوراً هاماً في كل من الحياة الاجتماعية والحياة المهنية للموظفين، لأنه يساعد الموظفين على عدم القلق بشأن مستقبلهم الوظيفي، ويساهم في الحفاظ على الاستقرار في العمل، وزيادة الإنتاجية، وحماية القيم الاجتماعية في بيئة العمل.
ويرتبط الأمان الوظيفي ببعدين رئيسيين هما : بعد موضوعي الذي يشير إلى غياب عوامل تهديد فقد الوظيفة، وبعد ذاتي أو البعد الشخصي الذي يشير إلى الشعور بعدم وجود حواجز للبقاء في جهة العمل في الحاضر والمستقبل ، كما يرتبط الأمان الوظيفي بثلاثة متغيرات هامة يطلق عليها مثلث الأمان الوظيفي هي : المؤهلات والمهارات والعلاقات، وتمثل المؤهلات الشهادات العلمية والدورات التدريبية، وتعبر المهارات عن العمل مع فريق بشكل إيجابي، وإظهار روح المبادرة، والمساعدة في حل المشاكل، واتخاذ القرار بناء على المعلومات الصحيحة، والتخطيط والتنظيم وتحديد الأولويات،
والتواصل مع الآخرين بفعالية، والحصول على المعلومة الهامة من مصدرها في أقصر وقت ممكن، وتحليل البيانات والمعلومات وفق منهج دقيق يؤدي لنتيجة، والمعرفة بكل التقنيات الحديثة المرتبطة بالوظيفة، وتعبرالعلاقات عن مدى توافرعلاقات جيدة للموظف مع فريق العمل، والعلاقات مع قيادات جهة العمل.
ويمثل التحول الرقمي استثمار في الفكر وتغيير السلوك لإحداث تحول جذري في طريقة العمل، عن طريق الاستفادة من التطور التقني لخدمة عملاء جهة العمل بشكل أسرع وأفضل، ويؤدي التحول الرقمي إلى تغيير جذري في خدمات مختلف الأطراف من عملاء وموظفين والجهات الأخرى، ويتطلب التحول الرقمي تمكين ثقافة الإبداع في بيئة العمل، ويشمل تغيير المكونات الأساسية للعمل، بداية من البنية التحتية، ونماذج التشغيل، وانتهاءً بتسويق الخدمات والمنتجات للعملاء، ويتطلب التحول الرقمي استراتيجية أعمال رقمية، وارتباط الموظفين بالعملاء، وثقافة الإبداع، والتقنيات الحديثة، وتحليل البيانات الضخمة.
وأعتقد أن مثلث الأمان الوظيفي في عصر التحول الرقمي يجب أن تدعم أضلاعه الثلاثة بمتغيرات التحول الرقمي، ليحقق الموظف الأمان الوظيفي، وتمثل المؤهلات قاعدة مثلث الأمان الوظيفي التي يجب تعزيزها بالمؤهلات العلمية والدورات التدريبية في مجال التحول الرقمي، وتمثل المهارات أحد أضلاع مثلث الأمان الوظيفي التي يجب تعزيزها بمهارات التعامل مع تطبيقات التحول الرقمي على اختلاف أنواعها، وتنمية مهارات تحليل البيانات الرقمية، وأن تتصف هذه المهارات بالإبداع والابتكار، وتنمية مهارة القدرة على التغيير، ومهارة التعامل الرقمي مع الآخرين، وتمثل العلاقات الضلع الثالث في مثلث الأمان الوظيفي التي يجب أن تتضمن تحسين علاقات الموظف داخل جهة العمل، بالإضافة للعلاقات الجيدة مع الأطراف الخارجية، وأرى أنه يجب على الموظف مراعاة عناصر مثلث الأمان الوظيفي في عصر التحول الرقمي، وتحديث وتطوير هذه العناصر بشكل مستمر، ليتواكب مع عصر التحول الرقمي، وللحفاظ على وظيفته، وتحقيق الأمان الوظيفي، بغض النظر عن نوع جهة العمل سواء كانت جهة حكومية أو خاصة.