آراء حرة

دكتور محمود فوزي يكتب.. الندم والرفاهية المفرطة

ينشأ الندم عندما يتخذ الفرد قرارًا خاطئًا، وإن بدا صحيحًا وقت اختياره، الأمر الذي يتحول إلي حالة شعور بالأسف، والاستعداد علي دفع “علاوة الندم” regret premium كي يتجنب ردود الفعل السلبية، ويخفف من حدة مشاعر الانزعاج والاستياء المصاحبة للتجربة النادم عليها، ومن ثم تتجه قراراته نحو المسار العقلاني والمنطقي؛ ليتدارك حالة الاندفاع التي كانت مسيطرة علي عواطفه.

ويشعر العميل بالأسف والندم بعد الشراء؛ نتيجة لمشاعر الصراع الداخلي الناجم عن التنافر المعرفي بين حالتي الرضا وعدم الرضا؛ حيث يشعر المستهلك أن المنتج لا يناسب توقعاته أو لا يستحقه أو بسبب إفراطه في التفكير، واستغراق الكثير من الوقت والجهد في العملية الشرائية؛ بينما كان من الأيسر الحصول علي ذات النتيجة، ويؤدي انغماس المستهلك في تيار الشراء الاندفاعي إلي تعرضه لعاطفة سلبية عصبية مصحوبة بمشاعر الذنب والخجل التي يحاول نفسيًا التكيف معها.

وتزداد محاولات التكيف في حالة شراء المنتجات الممتعة مقارنة بالمنتجات النفعية ذات الفوائد المادية المباشرة؛ حيث يجد المستهلك صعوبة في تبرير شرائه لهذه المنتجات، وتخفيف حالة الشعور بالألم والذنب؛ خاصة إذا كانت ثقافته القومية أو الدينية تحث علي التوفير وتعارض أشكال الإسراف والتبذير
الندم بعد الشراء: حالة مؤلمة نتيجة لمصائب أو تجاوزات أو أخطاء أو خسائر تصيب المستهلك، وتجعله يشعر بالأسف علي نتائج اختياراته الخاطئة والتي كانت ستتغير للأفضل في ظل اختيار مختلف، مما يسبب للمستهلك تأثيرًا سلبيًا مباشرًا علي مواقفه، ومستويات رضاه، ونوايا إعادة شرائه؛ ومن ثم يلجأ نحو اتخاذ استراتيجيات مواجهة استباقية؛ كتبديل المنتج والعلامة التجارية.

في المقابل تعتبر الاستجابة العاطفية أحد الدوافع المحفزّة للتسوق الممتع الناتج عن إثارة الحواس الخيالية والعاطفية المصاحبة لتجربة المنتج، والتي تولد الشعور بالجمال، والترفيه، والمتعة، والخيال، وهي المشاعر المتعلقة بطبيعة المنتج نفسه، وبحالة التفاعل المقترن بعملية التسوق، واستخدام المنتج الممتعHedonistic Product بعد شرائه.

وتتباين متغيرات اتخاذ القرار الشرائي للمنتجات الممتعة؛ وفقًا لعوامل متعددة؛ كنوع المنتج فمن السهل مقارنة مزايا سيارتين، بينما من الصعب مقارنة جمال شاطئين، وكذلك مقدار الرفاهية؛ حيث تحقق بعض المنتجات متعة لحظية لكنها غير ذات مغزي، ولا تعكس معان نبيلة، ولا تتوافق مع الرفاهية الشخصية مثل: السجائر، والكحوليات، والمخدرات.

ولا يمكن أن نتناسي القيمة المعنوية المدركة؛ كالانفراد، والمكانة، والعراقة، والأصالة التي تقترن ببعض السلع والخدمات مثل: القطع الأثرية والأعمال الفنية التي قام بإنتاجها أحد المشاهير، والقطع الموسيقية التي تستمد قيمتها من موهبة وشهرة الفنان، أو مذاق الطعام الذي يحظي بجودة فائقة عند اقترانه باسم مطعم شهير أو علامة تجارية مرموقة.
كما تعد متعة الإنجاز إحدي ضرائب الرفاهية؛ كأن يقبل العملاء علي الاشتراك في رياضة معينة كسباقات الماراثون، أو خوض تجربة غير سارة كتذوق الشيكولاتة المُرّة ومشاهدة أفلام الرعب، أو تعلم فنًا يدويًا أو مهارة معينة كالموسيقي والرسم والطهي والحياكة؛ ذلك لغرض الشعور بالإنجاز، وأن يثبتوا لأنفسهم وللآخرين أنهم قادرون علي الإنجاز والابتكار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى