توب ستوري

الكاتبة سميا دكالي تكتب.. صندوق أحلام



هذا اليوم لم يكن كسابقه بل كان مختلفا بالنسبة لأحلام استيقظت وكلها حماس وأمل لاستقبال عام جديد مع زوجها، لقد مضت سنين قضتها لم تكن بالهينة حذفت كثيرا من عمرها وأخذت من جمالها وشبابها، ومع نوءها تقف الآن على أعتاب سنة جديدة تذكرها بيوم زواجهما لا تدري ما تخبئه لها في دولابها من أحداث ومفاجآت، تلاحق الزمن بلهفة راجية منه أن يبتسم لها بعد طول انتظار وآملة أن يحقق لها حلما ظل مدفونا بين أضلعها منذ بداية زواجها إلى حد الساعة.


لم تنسى تلك السنين التي مرت عاشتها وسايرتها وتقبلتها كما هي، أحداث مرغوبة أسعدت قلبها وأحداث مؤلمة ما تمنتها، قلبت مواجعها وأحيت حنينها ورغم ذلك فما زال فيها شموخ وكبرياء لتسير وقطار حياتها إلى أن يقف عند محطة النهاية، فتودع معه تلك الحياة المزيفة.


كانت حياة أحلام ستكون أفضل لو رزقت بقطعة منها ومنه ثمرة حبهما، لكن القدر كان أقوى فقد سبق وخط القلم وسير لها ما أراد، اكيد أن الله لا يحرم عبدا من نعمة إلا ويخبأ له الأفضل،هذا ما كانت تواسي به نفسها دوما لتريح وترتاح.


تزينت لذلك اليوم ولبست أحسن ما عندها استعدادا للاحتفال مع رفيق دربها الذي آزارها وصبر معها من أجل حب حمله لها، أعدت مائدة العشاء التي احتوت على أصناف الطعام المحببة لزوجها ثم دخلت إلى غرفتها تنتظره، فقد تأخر عن موعده وهي لم تكن تسأله عن التأخير المتواصل بعد تعودها عليه، فما دام حافظا على العهد وعلى ذاك الميثاق الغليظ ولم يفكر في تركها فلا يهم بعدها أي شيء آخر، هذا ما كانت تردده بينها وبين نفسها.


وبينما هي مستلقية على فراشها تفكر نهضت صوب دولابها لتخرج منه صندوقا، فتحته وأخذت منه قطعة لباس كانت بداخله احتضنتها بحنان وحب، تلك القطعة اشترتها في أول سنة تزوجا فيها، طوتها بكل عناية ورشت عليها عطرها المفضل لتعيد الصندوق في مكانه وتقفل عليه وكأنه كنز تخاف عليه، مسحت دمعتها التي انسكبت غصبا، وعدلت من هيأتها لا تريد أن تبدي شيئا لزوجها، فهي ما زال عندها بصيص أمل تتنفسه رغم كل شيء.


غفت قليلا وهي تتخيل نفسها تحمل رضيعها لم تشعر إلا وبقبلة على جبينها أيقظتها من ذلك الحلم إلى واقعها الحقيقي، جلسا على المائدة والصمت يخيم على المكان، ثم أشعلت شموع الأمل وبدأت تقرب له الطعام بكل حب وتفاني لا تريد أن تسأله عن غيابه المستمر، فهي تعلم أن له زوجة وأولاد منها لكنها فضلت أن لا يدري بمعرفتها للأمر.


أخفت عنه فقط لتستمر تلك العلاقة التي تمنت أن تكون كما بدأت، صحيح هو القدر رسم بريشته حياة أخرى ما اختارتها أحلام ولا رغبتها إلا أنها تجاهلتها لتعيد رسمها بطريقتها، لتظل تعيش على ذلك الأمل المخبأ في صندوق أحلامها ربما قد يأتي يوما يتحقق فيه حلمها.


كاتبة مغربية 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى