د.سمير المصري يكتب.. كيف تميز الناس
أراد خباز ذات مرة أنه يتقرب من معلم عظيم في مدينته فقام بدعوته إلى العشاء.
وقبل موعد العشاء المقرر بيوم واحد ذهب المعلم إلى المخبز متنكراً بثياب متسول وأخذ رغيفاً من الخبز المعروض وبدأ بأكله.
عندما رآه الخباز جن جنونه، واستشاط غضبا ، فطرد الرجل إلى الشارع وطارده حتي اختفى الرجل تماما تاركا المكان وما حوله وسط ذهول المارة.
جاء موعد العشاء المنتظر في المساء التالي – فذهب المعلم إلى منزل الخباز مصطحباً أحد أتباعه.
وعندما وصلا إلى منزل الخباز تمت معاملتهما على نحو رائع وقدمت لهما مأدبة من الطعام الفاخر .
تساءل التابع أثناء تناول العشاء :
“كيف يمكن للفرد تمييز الرجل الصالح من غير الصالح ؟”
فأجاب المعلم :
“ما عليك إلا أن تنظر إلى هذا الخباز ، إنه أهل لإنفاق عشر قطع ذهبية على مأدبة لأنني شخص مشهور ، لكنه غير أهل لإعطاء قطعة خبز لإطعام سائل جائع.”
يعني :
قد ينفق البعض امواله ويحسبها في سبيل الله لكن في الحقيقة هو انفقها لمصلحة – وقد يحسب الانسان نفسه كريما لكن الحقيقة ان بعض الظروف جعلته يبدو كريما لكنه في الواقع شخص اخر. . .
… يقال ان منظمة اوقفت توزيع المساعدات على المحتاجين ! ! ! لان الكاميرا تعطلت . . .
الانسان الصادق لايتأثر بالمظاهر ، بل يعامل الجميع على مبدأ الانسانية .
متى تستطيع ان تعرف الناس على حقيقتهم الكاملة ؟
ليس فقط بالمخالطة المؤقتة ، لانك قد تجده في الشارع ، او في السوق ، او تكون زميله في شركة واحدة .
مثل هؤلاء لا تستطيع ان تحكم عليهم لانك قد تجده غاضب او مهموم او متضايق فتصدم به ، لكنك لم تري وجهه الاخر الجمالي ، فقد يكون ارقى وارق قلبا ،
المخالطة المؤقتة هي مجرد لحظات وتنتهي ، اما لحظات فرح او غضب ، لكن المخالطة الدائمة هي خير دليل وافضل برهان لاكتشاف الطبيعة البشرية لمن تواجه .
فالعزبة ، والمكتب ، والعمل الواحد ، هم من يظهر لك معدن من تخالطهم ، قد تكون مديرا ، قد تكون مراقبا ، قد تكون مشرفا ، لكن مع كل هذا وذاك مستحيل أن تكتشف معدن من يعملون تحت قيادتك، هم بالطبع سيظهرون امامك اخلاصهم وطيبتهم .
أما الوجه والقلب الحقيقي فلن تكتشفه إلا اذا كنت واحد منهم ، إما موظف او عامل مثلهم .
من هنا ستكتشف معدنهم سيظهر لك جليا ، التعاون ، الحقد ،الحسد ،الحب ، الكره ،المكائد ، الجميل والوفاء ، الامانة والاخلاص ،الصدق والكذب الذي يحبك من اجل مصلحة والذي يحبك في الله .
دمتم بخير وأمان الله تعالى ،،،،