معلومة تهمك.. نشأة مكتبة الإسكندرية
مكتبة الإسكندرية القديمة
تقول كتب التاريخ إن مكتبة الإسكندرية القديمة تم إنشاءها على يد خلفاء الإسكندر الأكبر لتضم أكبر مجموعة من الكتب في العالم القديم من بينها أعمال هوميروس و مكتبة أرسطو. كما درس بها كل من إقليدس و أرشميدس إيراتوثيوس أول من قام بحساب قطر الكرة الأرضية.
أنشئت المكتبة بقرار من بطليموس الأول ” سوتر ” ( ٣٦٧ ق.م. – ٢٨٣ ق.م. ) أول ملوك البطالمة ممن توارثوا حكم مصر بعد وفاة الإسكندر الأكبر، و ذلك بعد إيحاء ديمتريوس الفاليري له بالفكرة، أما المؤسس الحقيقي للمكتبة و صاحب الفضل في نهضتها و ازدهارها ، فهو بطليموس الثاني ” فيلادلفوس ” الذي حكم مصر ( ٢٨٥ ق.م. – ٢٤٦ ق.م. ) ، و هو من وضع نظامها و جلب لها العلماء من العالم الإغريقي.. و أيضاً من حفظ تراث أدباء اليونان العظام ، و من بعث إلى حكومة أثينا يطالب بالنصوص الأصلية، لبعض المسرحيات، فصارت نموذجاً متبعاً في مكتبات حوض البحر الأبيض المتوسط و مثالاً يحتذى .
و لم تكن المكتبة وقت نشوءها مجرد مستودع لتجميع الكتب ، بل كانت تعتمد على مؤسستين ، أولاهما : ” الميوسيون ” أو المتحف ، و يقيم به العلماء المختصون في جميع الفنون ، و ثانيتهما : ” المكتبة ” التي تضم لفائف الكتب لتكون تحت بصر العلماء في كل حين ، و يبدو أنها كانت موزعة على موقعين : الأكبر مجاور للميوسيون ، و الأصغر في معبد” السرابيوم ” و بقاياه بعمود السواري.
و تستمد مكتبة الإسكندرية مكانتها الرفيعة ، ليس من خلال الكتب التي جلبتها أو ترجمتها فحسب ، بل من مكانة العلماء الذين استقطبتهم و هيأت لهم الإقامة الكريمة كي ينصرفوا إلى شئون البحث العلمي.
شغل كبار العلماء وظيفة أمناء المكتبة ، من بينهم “زنودوتس ” وهو من وضع مع علماء اللغة أسس علوم الأدب، و أول إغريقي يضع للعالم متناً منقحاً لكتابَي : الإلياذة و الأوديسا و هما من أعظم تراث الإغريق ، و خلفه في رئاسة المكتبة ” أبوللونيوس ” الإسكندري ، و هو مؤلف الملحمة المسماة ” الحملة الأرجونيتية ” و في عهده نظم الشاعر الغنائي كاليماخوس فهرس مكتبة الإسكندرية الذي قسم الكتب تبعاً لموضوعاتها و مؤلفيها ، و اعتبر “كاليماخوس” أبو “عِلم المكتبات”.
أما ثالث أمين للمكتبة فهو الجغرافي القدير ذائع الصيت ” إراتوستنيس” و هو من أكد كروية الأرض و قام بتحديد قياس محيط الكرة الأرضية بدقة مذهلة، كما تحدث عن إمكانية الإبحار حول العالم ، و من بعده “أريستوفانيس” و كانت له شهرة بين العلماء بوصفه ناشر متون الشعر الكلاسيكي و كتابات الفلاسفة السابقين لأفلاطون.
و يرجع الفضل لأولئك العلماء و غيرهم الكثير ، في رسم خارطة الفضاء الخارجي و السماء المحيطة به ، و تنظيم
التقويم ، و إرساء قواعد العلم و أقاموا حواراً حقيقياً بين مختلف الحضارات حتى صارت الإسكندرية رمزاً لذروة العلم و التعلم لما يزيد على ستة قرون.
شيدث مكتبة الإسكندرية القديمة من ثلاث مبانٍ :
– المتحف الأصلي في الحي الملكي للمدينة ، مبنى إضافي كان مستخدماً بصفة عامة لتخزين الكتب و هو مبنى يقع في الميناء.
– المكتبة الابنة : و كانت تقع في السيرابيوم بموقع معبد سيرابيس ( إله العبادات الدينية بالإسكندرية ) و هو يقع في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة المعروف بالحي الشعبي ، ورغم حريقها الأشهر، ظلت ذكرى المكتبة القديمة حية في الأذهان و استمرت في إلهام العلماء و المفكرين بكل بقاع الأرض. كما ظل حُلم إعادة بناء المكتبة يداعب مخيلة الكثيرين منهم.
تتلخص رسالة مكتبة الإسكندرية الجديدة في أن تكون مركزاً متمينزاً في إنتاج و نشر المعرفة ، و مكاناً للتفاعل بين الشعوب و الحضارات ، و نافذة العالم على مصر و نافذة مصر على العالم ، مؤسسة رائدة في عصر الرقمنة و فوق كل ذلك مركزاً للتعلم و التسامح و الحوار و التفاهم.
أما عن إحياء مكتبة الإسكندرية فكانت البداية بإعلان أسوان التاريخي سنة ١٩٩٠ م و قبلها دعوة الدكتور” مصطفى العبادي” أستاذ الدراسات اليونانية الرومانية لأول مرة إلى مشروع إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة ، و تبنى الدكتور “لطفي دويدار” رئيس جامعة الإسكندرية هذا المشروع ، و منذ ذلك الحين وضعت الجامعة و إدارتها هذا المشروع على رأس أولوياتها، و صدر القرار الجمهوري القاضي بإنشاء الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية ،في عهد مبارك .
قامت منظمة اليونسكو و الاتحاد العربي للمعماريين بتنظيم مسابقة دولية شارك فيها مئات المكاتب الهندسية من كافة أنحاء العالم، و فازت شركة “سنوهيتا ” للتصميمات المعمارية و مقرها أوسلو بالنرويج بالجائزة الأولى لأفضل تصميم ، و تضافرت جهود تلك الشركة مع جهود المهندسين المصريين لبناء هذا الصرح العظيم . و أقيمت مكتبة الإسكندرية الجديدة على نفس الموقع الذي كانت تشغله المكتبة القديمة ، و تم تدشين مكتبة الإسكندرية الجديدة و افتتاحها في احتفال كبير شرفه بالحضور ملوك و رؤساء و وفود دولية رفيعة في السادس عشر من أكتوبر ٢٠٠٢ م.