معلومة تهمك .. العصر البابلي
فيما بين نهري دِجلَة و الفُرات Tigris & Euphrates بدأت النهضة الزراعية بالوادي الخصيب حيث تقع مدينة بابل Babylon التي تأسست في الفترة ( ١٧٩٢ – ١٧٥٠ ق.م. ) في عصر حكم الملك” حامورابي ” Hammurabi ، على بُعد ٩٠ كيلومتراً جنوب مدينة بغداد الحالية ، و سُمِّيَ بالعصر البابلي منسوباً إليها ، و قد شجعت خصوبة الأرض بين النهرين في نزوح السكان إلى الوادي ، فبدأ البابليون في الاهتمام بالزراعة.
وعلى درجة عالية من النَسَق الفنِّي، وإبداع التشييد في بابل القديمة، ظهرت المدن، وذلك نظراً للطبيعة الخصبة بالوادي ، و بسبب نُدرة الأخشاب و افتقار المنطقة إلى الأحجار و المعادن ، اتجه البابليون إلى استخدام الطمي في صناعة الطوب لتشييد منشئات بابل ، فاتجهوا إلى الطوب المحروق لتشييد الجانب الأكبر من المنشئات ، و هو الطوب المعروف بمسمى الطوب الآجر ( طوب من الطمي محروق بالنار ) ، كما استخدم البابليون نوع آخر يُعرَف بالطوب اللَّبِن يناسب طبيعة المُناخ معتدل الحرارة و نُدرة الأمطار ( طوب نييء مجفف بفعل حرارة الشمس ) ، و قد كان الطوب الآجر هو المادة الرئيسة في تدعيم القطاعات الثقيلة و المفاصل الحَرِجة في المنشئات ، أما الطوب النييء فكان استخدامه محصوراً في بناء الأسوار ، و استُخدِمَ الملاط ( المونة ) و الأسفلت في لصق قوالب طوب الآجر بعضها البعض ، و ساعد على ذلك توافر الموارد الطبيعية من المادة شبيهة القطران.
عَرَفَ المهندس البابلي العلوم الرياضية و الحساب و انعكس ذلك على مشروعاته الفذة مُمَثَلَة في حدائق بابل المُعَلَّقَة ( إحدى عجائب الدنيا ) ، كما استخدم البابليون خبرتهم و درايتهم ببعض مباديء الجبر و الهندسة في بناء حدائقهم و سائر منشئاتهم ، و كذا تحديد مواقع البناء و حساب نواتج الحفر المستوجب إزالتها من الحفائر.
و في عصر الملك نُبوخَذ نَصَّر الثاني ( ٦٠٥ – ٥٦٢ ق.م. ) شَيَّدَ البابليون حدائق بابل المعَلَّقة على مُسَطَّح ٦ أميال مربعة ( ١٥.٥٤ كيلومتراً مربعاً ) على شاطيء أحد روافد نهر الفُرات المعروف باسم نهر “هيلا” ، و تم إحاطتها بسور مرتَفِع من مداميك طوب الآجر بغرض حمايتها من الغُزاة. كذلك تم تزويدها بنظام ري فذ لجلب المياه إلى المستويات المتدرجة المزروعة بداخل الحدائق ، فكانت أعمالاً باهرة لم يضارعها في التراث سوى مُدُنٌ مَعدودة.