معلومة تهمك.. العصر الفرعوني
■ هرم زوسر المدرج ■ |
على ضفاف النيل ، عاش الفراعنة المصريون ، و زاملت الحضارة الفرعونية نظيرتها البابلية في فترة زمنية متقاربة و بعدها تشابهت كلتا الحضارتين في حياة الشعبين على دلتا الأنهار في ظل ظروف مُناخِية متشابهة إلى حدٍ ما ، و كان الذكاء الهندسي لكليهما هو الأرض الصُلبة التي ارتكزت عليها إنجازاتهما.
كان النيل في بؤرة اهتمام الإنسان المصري ، فعرف كيف يتحكم في النهر ليمنح الأرض الحياة ، فأنشأ عديد مشروعات الري كإقامة القنوات و شق التُرَع و المصارف و بناء السدود و الخزانات . في العام ٣٢٠٠ ق.م. نجح الملك ” مينا ” Menas في تحويل مجرى النيل شرق مدينة ” منف ” كي يتمكن من إعادة تخطيط المدينة ، و أقيم أول مقياس لرصد منسوب النيل و تم بناء السد الأول على النيل عند مدخل بحيرة ” موريس ” بالفيوم في عصر الملك ” أمنمحتب الثالث “.
برع الفراعنة في بناء الأهرامات الحجرية الضخمة، والمسلات الشامخة العالية و كذلك المعابد والقصور مترامية الأطراف ، و كلها إنجازات غير عادية موضع فخر لا تزال باقية شامخة حتى زماننا الحاضر ، هذا بالإضافة إلى تخطيط عديد المدن مثل منف و طيبة و تل العمارنة ، كما برعوا في فنون النحت و النقش و الزخرفة.
استخدم المصري القديم – مثله مثل مهندس بابل – الطوب النييء ( الطوب اللَّبِن ) المصنوع من عجينة طمي النيل بعد خلطه بالقش أو الرمل ثم تركِه ليجف بفعل حرارة الشمس ، كما استخدم الملاط المصنوع من الجير أو الجبس في ربط قوالب الطوب ، أما الطوب المحروق فلم يستخدمه الفراعنة إلا نادراً في نهاية عصرهم. و قد تميز العصر الفرعوني باستخدام الحجارة الجيرية و الرملية الضخمة و الجرانيت في تشييد معابدهم و مسلاتهم ، فجلبوا الأحجار الجيرية من محاجر طره شرق النيل و أحجار الجرانيت من أسوان جنوب الوادي ، و لم يكن المصري القديم بحاجة إلى مواد رابطة للحجارة ذلك أن وزنها الكبير يكفي لتثبيتها.
في العام ٢٦٥٠ ق.م. أقام إِمْحُتِب Imhotep هرم زوسر ذي الدرجات الست بارتفاع ٦١ متراً بمنطقة سقارة بالبدرشين و هو يُعَد أقدم الأهرامات في التاريخ ، و تعد أهرامات الجيزة أحد عجائب الدنيا ، ففي العام ٢٥٦٠ ق.م. تم بناء هرم خوفو Khufu على هضبة من الحجر الجيري بمنطقة الجيزة ، بارتفاع ١٤٧ متراً و قاعدته بطول ٢٣٠ متراً. و مازالت طرق و أساليب التنفيذ التي اتبعها الفراعنة في تشييد معابدهم و أهراماتهم لُغزاً مُحَيِّراً و أصبح على الدارس لتلك الإنجازات أن يستنبط طرق تشييدهم لها بمجهوده الفردي.
■ أهرامات الجيزة ■ |
تغلّب الفرعون المصري على عديد المشكلات ، أهمها تشكيل و نقل الأحجار الضخمة ( زنة الواحدة منها عدة أطنان ) لمسافات بعيدة. و نظراً لعدم وجود آلات قاطعة و ناقلة في ذلك الوقت ، فلابد و أن يكون قد اعتمد المصري القديم على الجهد اليدوي وحده في نقل و قطع الأحجار ، بل استخدم المطرقة و الإسفين الخشبي و الإزميل في تقطيعها ، كذلك لا بد و أن يكون قد برع في علوم الفَلَك و حساب المثلثات و قياس الزوايا ، إذ مكنته درايته الواسعة في علوم الفلك من تخطيط قاعدة الهرم لتواجه الاتجاهات الأربع الرئيسة ( شرق – غرب – قبلي – بحري ) بمستوى عالٍ من الدقة ، و خبرته بحساب المثلثات و قياس الزوايا في بناء معبد رمسيس الثاني بحيث تنفذ أشعة الشمس إلى ساحة قدس الأقداس بالمعبد لتقع على وجه تمثاله في معبده يوم ميلاده . ما يؤكد أن جميع الآثار الفرعونية قد خضعت لحسابات دقيقة مُحكَمَة لم يستطع أحد تفسير بعضها حتى تاريخه.
كما اشتُهِرَ المصري القديم بأعمال التعدين ، إذ تمكن من استغلال مناجم الذهب الموجودة بالصحراء الشرقية و استخرج النحاس و الفضة ، كما عرف طرق صهر و سباكة المعادن ، و كذلك أعمال تشغيل المعادن و تفوَّق فيها ، و أكبر دليل على ذلك ما تركه الفرعون المصري من أدوات معدنية و أقنعة و آلات حربية ، كذلك عرف الأحجار الكريمة كحجر الفيروز المستخدم في تزيين الأقنعة مع بعض الحُلِيّ ، كما استخدم الفراعنة في حروبهم السيوف و الأقواس و الدروع الحديدية ، كما عرفوا العربات الحربية التي تُجَرُّ بالخيول □