معلومة تهمك .. تاريخ حقبة ما قبل التاريخ للدولة المصرية (٣١٠٠ – ٣٠٠ ق.م.)
استوطن المصريون القدامى ضفاف نهر النيل، مانح حياتهم،إذ كان الفيضان السنوي يروي الأرض الزراعية المجاورة. و تشكل أول تجمع سكاني في وادي النيل العلوي قبل عام ٤٠٠٠ ق. م، و في حوالي عام ٣١٠٠ق.م. أُنشئت أمة واحدة باتحاد مملكتي مصر العليا و مصر السفلى تحت إمرة حاكم مصر هو فرعون مينا، لكن المؤرّخين لم يتمكنوا من تحديد هويته. و في عام ٢٥٧٥ق.م. أصبحت الأمة المصرية ما يُعرف باسم المملكة القديمة، و التي استمرت حتى عام ٢١٢٥ق.م.
مرت الأمة المصرية بفترة اضطرابات تُعرف بالفترة الانتقالية الأولى، انقسمت فيها المملكة القديمة إلى دولتين صغيرتين، عاصمة إحداهما “ممفيس” في الشمال، و عاصمة الأخرى “طيبة” في الجنوب، لتبزغ بعد ذلك شمس المملكة الوسطى التي حكمها ملك مصر العليا منتوحتب الثاني. و تمّ توحيد مصر مجدداً بعد غزو منتوحتب للجنوب و انتصاره عليهم. و في عام ١٦٤٠ق.م. غزا محاربو البدو الهكسوس، القادمون من شرق البحر الأبيض المتوسط البلاد، و احتلوا شمال مصر مُنهين بذلك عهد المملكة الوسطى ( يعتقد أن جيش الغزاة الهكسوس ضمّ فرساناً )، وبذلك حلت الفترة الانتقالية الثانية، والتي تميزت بحكم الهكسوس الأجانب وعدد من الحكام المحليين. تأسست المملكة الحديثة عام ١٥٥٠ق.م.، وعندما وحّد أحمس الثاني البلاد مرّة أخرى وشيد عاصمته الجديدة في طيبة، واستمرت المملكة الجديدة خمسة قرون قبل أن تنهار باندلاع الحرب الأهلية عام ١٠٧٠ ق.م. بدأت فترة حكم آخر السلالات بعد الفترة الانتقالية الثالثة في حوالي عام ٦٧٠ق.م، كانت مصر خلالها مقاطعة تابعة للأشوريين ومن بعدهم الفرس. وفي عام ٣٣٢ ق.م هزم الإسكندر الأكبر المقدوني مصر ليحكمها الفراعنة البطالمة ( منسوبة إلى بطليموس )، مُتّخذين الإسكندرية عاصمة لهم.
أسهم المصريون القدامى في تطور الزراعة والهندسة ومجالات أخرى من حقول العلوم التطبيقية. و بنوا أهرامات الجيزة في السنوات ما بين ٢٢٥٠ ق.م و ١٦٤٠ ق.م، كما شهدت مدن أبيدوس وأبو سمبل وطيبة تشييد مبانٍ رئيسية من عام ١٣٧٠ ق.م و حتى ١١٩٦ ق.م، وذلك في عهد المملكة الحديثة تحت حكم الفرعون سيتي الأول ورمسيس الثاني. و هانحن نمتلك اليوم معلومات غزيرة عن تلك الأزمنة الغابرة بفضل اختراع المصريين الكتابة الهيروغليفية في حوالي ٣١٠٠ ق.م، وقد حفظت المخطوطات سجلّ كل حدث بدءاً من نشاطات الفراعنة وحتى تسيير الشئون اليومية للمعابد. ومن حوالي عام ٢٨٠٠ ق.م كتب المصريون على أوراق البردي، و هو نوع من الورق يُصنع من سيقان النباتات القصبية التي كانت تنمو على ضفاف نهر النيل، وقد ساعد المناخ الجاف للمنطقة على حفظ مخطوطات البردي.
ساهمت الرموز الهيروغليفية في وضع نظام عددي، واعتمد المصريون منذ البداية على وجود الفواصل العُشرية في نظامهم. واعتمدوا أيضاً تقويماً قمرياً تبلغ أيامه ٣٦٥ يوماً، وأضافوا خمسة أيام في نهاية كل سنة للأعياد. و يُعزَى إلى المصريين أيضاً الفضل في تقسيم اليوم ٢٤ فترة ” ساعة ” ( غير متساوية) اتخذوها مواقيت لعبادتهم إله الشمس رع، وفي أساطيرهم أن رحلة رع في العالم السفلي تستغرق ١٢ ساعة، و تمتد فترة سطوع الشمس ١٢ ساعة أيضاً.
علاوة على ذلك، ابتكر المصريون الساعة الشمسية، أو الغنومون، لتحديد الوقت خلال النهار، والتي استبدلوها في حوالي ١٤٥٠ ق.م بالساعة المائية من وعاء مثقوب من الأسفل ومُعايَر برموز منقوشة من الداخل تدل على الوقت، ويتم قياس الزمن بقياس معدل الماء الذي ينزل من الثقب. كما طوّر المصريون تقويماً يعتمد على حركة نجم الشعرى اليمانية ( نجم الكلب )، والذي أطلقوا عليه مُسمّى سوثس، وقرنوا الشمس و النجوم بالآلهة.
اعتمد المصريون في الزراعة كلياً على فيضان نهر النيل، ولذلك شيدوا سدوداً لتوفير خزانات لحفظ المياة تُستغَل في ري الأراضي الزراعية، وبلغ طول أحد السدود الذي شُيّد في وادي نهر غروي عام ٣٠٠٠ ق. م، ٣٢٨ قدماً وعرض قاعدته ٣٦٢ قدماً، وارتفاعه عند منتصف ٣٩ قدماً. وأنشأوا نظام قنوات لتحويل المياة إلى الحقول الزراعية، ووضعوا على ضفاف نهر النيل أجهزة النايلوميتر لقياس مستوى ارتفاع المياة،ومن ثم حساب حصّة كل مزارع من هذه المياة. و بدورها تحدّد الحسابات وكميات المحاصيل التي يُسمَح لكل مزارع بزراعتها. كانت تتم مراقبة هذه الأجهزة بشكل دقيق تحسّباً لحدوث الفياضانات حتى يمكن إعلان الإنذار قبلها بوقت كافٍ يسمح بتقوية المصدّات الترابية ودعم السدود.