المساحة الحدودية وتنوع التضاريس.. محاولة عودة داعش في الجزائر
الإرهاب في الجزائر |
بالرغم من الإعلان المستمر من جانب الجزائر على عدم وجود عناصر إرهابية أو تنظيمات مسلحة في البلاد، إلا أن الإعلان الأخير عن تفكيك شبكة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي كانت تخطط لاستهداف شخصيات سياسية وضرب منشآت نفطية أعاد إلى الأذهان سنوات العشرية السوداء.
وكشفت السلطات الجزائرية عن إحباط محاولة اغتيال شخصيات مهمة وتنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف اقتصادية ومنشآت نفطية في جنوب البلاد، وقالت إن المصالح الأمنية نجحت في تفكيك خلية موالية لتنظيم “داعش” ضمت بين عناصرها مقاتلاً عائداً من سوريا يدعى مراغني الحاج، كان قد التحق عام 2012 بتنظيم حركة “أحرار الشام” وقضى فترة تدريب في معسكر هناك، قبل أن يقرر العودة إلى الجزائر حيث أوقفته السلطات الجزائرية وأحالته على القضاء الذي أصدر في حقه حكماً بالسجن لثلاث سنوات.
الإرهاب في الجزائر |
اعترافات عنصر داعش:
وتحدث مراغني الحاج، في اعترافات بثها التلفزيون الحكومي، أنه حاول بعد خروجه من السجن في 2016، الرجوع إلى الحياة العادية، غير أن بعض الصداقات العشوائية التي أنشأها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أدت به إلى الاتصال بشخص تونسي، نجح في إقناعه بالعودة إلى تنظيم “داعش” ونقل “النشاط الإرهابي” إلى الجزائر.
وأضاف المتحدث، أن التنظيم رتب له اتصالات في سبتمبر (أيلول) الماضي، مع “جماعة ولاية غرب أفريقيا” التابعة لـ”داعش”، وقام برفقة عدد من العناصر بـ”أداء البيعة” وتوثيقها عبر فيديو أُرسل إلى مسؤولي التنظيم، لينطلق في العمل على مخططات المجموعة المسلحة، من ضمنها إقامة منطقة اتصال آمن مع التنظيم في منطقة “التاسيلي” بجنوب الجزائر، وضرب المنشآت النفطية المنتشرة في المنطقة الصحراوية، إضافة إلى استهداف مسؤولين بالدولة في الجزائر العاصمة، غير أن كل المخططات باءت بالفشل بعدما ألقى الأمن الجزائري القبض عليه إثر تتبع اتصاله بشاب آخر عبر “فيسبوك”.
صنعت اعترافات الحاج الحدث، لا سيما أنه للمرة الأولى تقدم فيها السلطات للرأي العام مقاتلاً جزائرياً عائداً من سوريا، على اعتبار أن الأرقام الرسمية تتحدث عن 100 جزائري التحقوا بتنظيم “داعش” في سوريا، أغلبهم من الشباب المهاجرين المقيمين في دول غربية، كما أعادت إلى الأذهان مشاهد العنف والدمار التي عرفتها البلاد خلال سنوات التسعينيات، ما خلق نوعاً من التخوف لدى فئات من المجتمع على الرغم من التطمينات الرسمية.
الرئيس عبد المجيد تبون وفي مقابلة مع جريدة “لو فيجارو” الفرنسية، أبرز أن “الإرهاب أصبح من الماضي ولم يعد يشكل أي خطر على الجزائر”، متأسفاً لرفض الغرب الاعتراف بذلك.
ويعد داعش جيلاً تنظيمياً من الإرهاب لا ينبغي الاستهانة به، وهو تنظيم أخذ ينتشر في المناطق التي تعاني من غياب السلطة وفشل الدولة لذا يمكن أن يعيد هذا التنظيم شن هجمات إرهابية داخل الجزائر وتجنيد بعض الأفراد الذين يمكن أن يقعوا تحت تأثير دعايته الإعلامية خصوصاً بعد تمكنه من تأسيس قواعد خلفية في دول الساحل الأفريقي وتأسيسه تنظيم ولاية غرب أفريقيا”.
ويعتبر داعش تهديداً جدياً للوضع الأمني في الجزائر إذا لم تأخذ الدولة كل الاحتياطات وتقوم بعدة إجراءات وقائية منها الأمن الفكري ضد الدعاية الدينية المضللة لهذا التنظيم والانتباه إلى نشاطاته السرية وإلى الأساليب الجديدة التي أصبح يتبعها في الاختراق والتسلل وتجنيد المتطوعين ضمن صفوفه.
مساحة الجزائر والحدود الطويلة وتنوع التضاريس من صحراء وسلاسل جبلية تعتبر معطيات مغرية للتنظيم ما يتطلب تعاوناً أمنياً واستخباراتياً داخلياً ومع دول الجوار، ووعياً شعبياً بأهداف وخطط هذا التنظيم في تقويض واستهداف الدول التي لها ميل للتأكيد على سيادتها الوطنية”.
ويمثل تنظيم داعش الإرهابي خطراً حقيقياً يمكن أن يشكل وضعية إرهاب مستدامة لفترة طويلة، ومصدر تهديد لكل الفعاليات السياسية على غرار ما تعانيه أفغانستان وليبيا، لأن هذا النوع من النشاط لا يستهدف فقط القيام بعمليات إرهابية، بل تفكيك الدول أو نزع أجزاء منها للسيطرة عليها كما فعل في العراق وسوريا”.
ويهدد الإرهاب الاستقرار والسلم الدوليين وليس الجزائر فقط، و على الرغم من مجهودات الجزائر للقضاء على هذه الظاهرة فإن خطرها يبقى قائماً والحيطة واليقظة والتحرك السريع كلها عوامل كفيلة لردع هذه الآفة، مبرزاً أن العملية الأخيرة كشفت عن أن الإرهاب لم يعد له قاعدة يستند عليها وإنما أصبح عبارة عن محاولات اختراق وزرع خلايا يتم تسييرها من الخارج باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت أول عملية لتنظيم “داعش” في الجزائر في 21 سبتمبر 2014، إثر إعلانه عن اختطاف المواطن الفرنسي “إيرفي غوردال” ثم إعدامه، لكن رد الجيش الجزائري حينها جاء سريعاً وقضى على مؤسس وزعيم “داعش” في الجزائر بعد ثلاثة أشهر من الحادثة لتتوالى الضربات ضد التنظيم ويتم حصر دائرة تحركه على الرغم من محاولته العودة عبر عمليات معزولة أبرزها استهداف ضابط شرطة في مدينة قسنطينة بشرق البلاد في أكتوبر 2016، الأمر الذي جعل المتابعين يؤكدون فشل التنظيم بإيجاد موطئ قدم له في البلاد.